للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما {هُدىً} فأصله: هديا، أو: هدي، بضم الهاء، وفتح الدال. وتحريك الياء منونة، فقلبت الياء ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، فاجتمع ساكنان: الألف والتنوين، الذي يرسم ألفا في حالة النصب بحسب الأصل، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين فصار: {هُدىً،} وإنما أتوا بياء أخرى لتدل على الياء الأصلية المحذوفة بخلاف ما إذا لم يأتوا بها، وقالوا: هدا فلا يوجد ما يدل عليها، وقل مثل هذا في كل اسم مقصور جرد من أل، والإضافة ونون. هذا؛ وانظر شرح: (نا) في الآية رقم [٣٤] من سورة (يس).

الإعراب: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى} انظر الآية رقم [٢٣] فالإعراب واحد. {الْهُدى:} مفعول به ثان منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر. {وَأَوْرَثْنا:} الواو: حرف عطف.

{وَأَوْرَثْنا:} فعل، وفاعل. {بَنِي:} مفعول به أول منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة، و {بَنِي} مضاف، و {إِسْرائِيلَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة.

{الْكِتابَ:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية معطوفة على جواب القسم لا محل لها. والقسم وجوابه كلام مستأنف لا محل له. {هُدىً:} مفعول لأجله، أو هو حال منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والثابتة دليل عليها، وليست عينها. هذا؛ وقال القرطبي. {هُدىً} بدل من: {الْكِتابَ} ويجوز بمعنى: هو {هُدىً،} وليسا بشيء يعتد به. (ذكرى): معطوف على ما قبله. {لِأُولِي:} جار ومجرور متعلقان بأحد الاسمين قبلهما على التنازع، أو هما متعلقان بمحذوف صفة لإحداهما، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، و (أولي) مضاف، و {الْأَلْبابِ} مضاف إليه.

{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٥٥)}

الشرح: لما بين الله تعالى: أنه ينصر رسله، وينصر المؤمنين في الدنيا، والآخرة، وضرب المثل في ذلك بحال موسى؛ خاطب بعد ذلك محمدا صلّى الله عليه وسلّم بقوله: فاصبر. أي: على أذى قومك كما صبر موسى-عليه السّلام-على أذى فرعون. قال الكلبي: نسخت آية القتال آية الصبر. انتهى. جمل. نقلا من تفسير الخطيب.

{فَاصْبِرْ} أي: يا محمد على أذى قومك، كما صبر من قبلك. {إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ} أي:

بالنصر، والعزة، والسيادة، كما نصر موسى، وغيره من الرسل على أقوامهم، والله سبحانه لا يخلف وعده. {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} أي: وأقبل على أمر دينك، وتدارك فرطاتك، كترك الأولى، والاهتمام بأمر العدى بالاستغفار، فإنه تعالى كافيك في النصر، وإظهار الأمر. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>