والألف للتفريق. {اللهَ:} منصوب على التعظيم، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:
({اُذْكُرُوا..}.) إلخ لا محل لها مثلها. {وَاعْلَمُوا:} أمر، وفاعله. {أَنَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمه. {إِلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {تُحْشَرُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر {أَنَّكُمْ،} و (أنّ) واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سدّ مسد مفعولي: ({اِعْلَمُوا})، والجملة الفعلية هذه معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.
الشرح:{وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ:} يروقك، ويعظم في نفسك ما يقوله. هذا؛ والعجب-بفتح العين، والجيم-: انفعال نفساني، يعتري الإنسان عند استعظامه، أو استطرافه، أو استنكاره ما يرد عليه، ويشاهده. وقال الراغب-رحمه الله تعالى-: العجب: حيرة تعرض للإنسان بسبب الشيء، وليس هو شيئا له في ذاته حالة حقيقية، بل هو بحسب الإضافات إلى من يعرف السبب، ومن لا يعرفه، وحقيقة: أعجبني كذا: ظهر لي ظهورا لم أعرف سببه، انتهى جمل نقلا من السّمين. والعجب-بضم العين، وسكون الجيم-: رؤية النفس، وهو نوع من الكبر، وهو من المهلكات، ففي حديث أنس-رضي الله عنه-. عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:«وثلاث مهلكات: شحّ مطاع، وهوى متّبع، وإعجاب المرء بنفسه» رواه البيهقي. وعنه أيضا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو لم تذنبوا؛ لخشيت عليكم ما هو أكبر منه: العجب». رواه البزار بإسناد جيد.
({يُشْهِدُ اللهَ}): يحلف كذبا، ويشهد الله على أنّ ما في قلبه موافق للسانه؛ أي: يظهر الإيمان بلسانه، ثم يظهر منه خلاف ذلك. {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ:} شديد الخصومة، والعداوة لك يا محمد، ولصحابتك الكرام. هذا؛ و {أَلَدُّ} صفة مشبّهة، واللّدد: شدة الجدال، ورجل ألدّ، وامرأة لدّاء، وهم أهل لدد، قال الشاعر:[الكامل]
وألدّ ذي حنق عليّ كأنّما... تغلي عداوة صدره في مرجل
وقال آخر:[الخفيف]
إنّ تحت التّراب عزما وحزما... وخصيما ألدّ ذا مغلاق
هذا؛ وقال تعالى في سورة مريم-على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام-: {فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا}. وقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«إنّ أبغض الرّجال إلى الله، الألدّ الخصم». رواه البخاريّ، ومسلم، والترمذيّ، والنّسائيّ عن عائشة، رضي الله عنها.