للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {الْخِصامِ:} مصدر: خاصم، يخاصم، وقال الخليل، رحمه الله تعالى، وقال الزجاج: هو جمع: خصم، كصعب، وصعاب، وضخم، وضخام. وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «كفى بك إثما أن لا تزال مخاصما». رواه الترمذي، رحمه الله تعالى. وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه؛ إلاّ أوتوا الجدل، ثمّ قرأ: {ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ»}. رواه الترمذي، وابن ماجة.

تنبيه: نزلت الآية الكريمة، والتي بعدها في الأخنس بن شريق الثقفي، واسمه أبيّ، والأخنس لقب لقّب به؛ لأنه خنس يوم بدر بثلاثمائة رجل من حلفائه من بني زهرة عن قتال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كما ستعرفه في سورة (آل عمران) كان منافقا حسن المنظر، حلو الكلام للنبي صلّى الله عليه وسلّم فجاء بعد ذلك، فأظهر الإسلام، وقال: الله يعلم أنه صادق، ويحلف بالله: أنه مؤمن برسالته، ومحبّ له، وكان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يقرّبه، ويدني مجلسه، ولكن الله تعالى قد كذّبه في دعواه، فقد مرّ بزرع، وحمر لبعض المسلمين، فأحرقه، وأحرقها، كما بينت الآية التالية. وهذا وأمثاله من المنافقين، والكذابين يطلق عليهم في عرف الشّرع الإسلامي: أصحاب الوجهين، واللّسانين، وما أكثرهم في هذا الزمن! وخذ ما يلي:

عن سعد بن أبي وقاص-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ذو الوجهين في الدّنيا، يأتي يوم القيامة؛ وله وجهان من نار». رواه الطبرانيّ في الأوسط. وعن عمار بن ياسر-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من كان له وجهان في الدّنيا؛ كان له يوم القيامة لسانان من نار». رواه أبو داود، وابن حبان. وعن أنس-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من كان ذا لسانين؛ جعل الله له يوم القيامة لسانين من نار». رواه الطبرانيّ، وغيره.

ورحم الله صالح بن عبد القدّوس؛ إذ يقول: [الكامل]

لا خير في ودّ امرئ متقلّب... حلو اللّسان وقلبه يتلهّب

يلقاك يحلف أنّه بك واثق... وإذا توارى عنك فهو العقرب

يعطيك من طرف اللّسان حلاوة... ويروغ منك كما يروغ الثّعلب

الإعراب: {وَمِنَ النّاسِ:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف، ({مِنَ النّاسِ}): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم. {مِنَ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. هذا هو الإعراب المتعارف عليه وهو الظاهر، ولا أعتمده، وإنما أعتمد ما ذكرته في الآية رقم [٨]. {يُعْجِبُكَ:} فعل مضارع، والكاف مفعول به. {قَوْلُهُ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية صلة: {مِنَ،} أو صفتها، والعائد، أو الرابط الضمير المجرور محلاّ بالإضافة، والجملة الاسمية: {وَمِنَ النّاسِ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين. {فِي الْحَياةِ} متعلقان بالفعل قبلهما، وقيل: متعلقان ب‍:

<<  <  ج: ص:  >  >>