للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالفعل قبلهما. {وَالزَّكاةِ:} معطوف على ما قبله، وجملة: {يَأْمُرُ..}. إلخ في محل نصب خبر (كان) وجملة: {وَكانَ..}. إلخ معطوفة على مثلها في الآية السابقة، فهي في محل رفع مثلها.

{وَكانَ:} ماض ناقص، واسمه يعود إلى إسماعيل أيضا. {عِنْدَ:} ظرف مكان متعلق بمرضيا، و {عِنْدَ:} مضاف، و {رَبِّهِ:} مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {مَرْضِيًّا:} خبر كان، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها.

{وَاُذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧)}

الشرح: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ:} انظر الآية رقم [٥٤] {إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا:} انظر الآية رقم [٤١] {وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا} أي: بشرف الرسالة، والزلفى عند الله. وقيل: الجنة. وقيل: إلى السماء السادسة. وقيل: إلى الرابعة، وإدريس عليه السّلام أول من خط بالقلم، وأول من خاط الثياب، ولبس المخيط، وأول من نظر في علم النجوم، والحساب، وسيرها، وسمي إدريس لكثرة درسه لكتاب الله تعالى، وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة، وكان أول من أعطي الرسالة من ولد آدم بعد شيث، وقد جاء في الصحيحين في حديث الإسراء والمعراج: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مر به في السماء الرابعة.

هذا؛ وقال عبد الوهاب النجار-رحمه الله تعالى-: وروى ابن جرير الطبري عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف. قال: سأل ابن عباس-رضي الله عنهما-كعبا، وأنا حاضر، فقال له: ما قول الله تعالى في إدريس: {وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا}.

فقال كعب: أما إدريس، فإن الله، أوحى إليه: إني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم، فأحب أن يزداد عملك، فأتاه خليل له من الملائكة فقال له: إن الله، أوحى إليّ كذا، وكذا، فكلّم ملك الموت حتى أزداد عملا، فحمله بين جناحيه، ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدرا، فكلّم ملك الموت في الذي كلّمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ فقال: هو على ظهري، فقال ملك الموت: فالعجب، بعثت. وقيل لي:

اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة، وهو في الأرض؟ فقبض روحه هناك، فذلك قوله عز وجل: {وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا} ورواه ابن حاتم عند تفسيرها. وعنده فقال لذلك الملك: سل لي ملك الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهو معه، كم بقي من عمره؟ فقال: لا أدري حتى أنظر، فنظر فقال: إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين، فنظر الملك تحت جناحه إلى إدريس، فإذا هو قد قبض، وهو لا يشعر.

قال الحافظ ابن كثير: وهذا من الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة. أقول: الأسلم تفويض علم ذلك، إلى الله تعالى. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>