للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في محل رفع خبر: (إنّ) والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط. هذا؛ وإن اعتبرت الجواب محذوفا، تقديره: فلا تحزن، ونحوه؛ فتكون الجملة الاسمية مفيدة للتعليل. وهو كلام لا غبار عليه، والشرط، ومدخوله مستأنف، ومفرّع عمّا قبله، لا محلّ له أيضا.

{إِنَّ اللهَ اِصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣)}

الشرح: {إِنَّ اللهَ اصْطَفى} اختار، واختصّ بالرّسالة، والخصائص الرّوحانية، والجسمانيّة، ولذلك قووا على ما لم يقو عليه غيرهم. ({آلَ إِبْراهِيمَ}): إسماعيل، وإسحاق، وأولادهم، ونبينا صلّى الله عليه وسلّم من نسل إسماعيل. ({آلَ عِمْرانَ}): موسى، وهارون، أو عيسى؛ لأنّ أمّه ابنة عمران، وهو المعتمد بدليل الآيات التالية، وكان بين العمرانيين ألف وثمانمائة سنة. وانظر شرح ({آلَ}) في الآية رقم [١١]. وفي البخاريّ عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: آل إبراهيم، وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم، وآل عمران، وآل ياسين، وآل محمد، يقول الله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}.

وقيل: المراد من آل إبراهيم نفسه، وكذا آل عمران، ومنه قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢٤٨]: {وَبَقِيَّةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ}.

هذا؛ وانظر شرح خلق آدم في سورة (البقرة) مفصلا، وقد عمّر عليه السّلام تسعمائة وستين سنة أما نوح-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-فاسمه السّكن، وقيل: عبد الغفار، وسمي نوحا لكثرة نوحه على نفسه، وهو ابن لمك بن متوشلح بن أخنوخ، وهو إدريس النبي، وكان نوح نجارا، واختلفوا في سبب نوحه، فقيل: لدعوته على قومه بالهلاك، وقيل: لمراجعته ربه في شأن ابنه كنعان، وقيل: لأنه مرّ بكلب مجذوم، فقال له: اخسأ يا قبيح! فأوحى الله إليه:

أعبتني، أم عبت الكلب، وقيل: أنطقه الله، فقال: أتسخر من الخالق، أم من المخلوق؟ ونوح أول رسول بشريعة، وأول نذير على الشرك، وأنزل الله عليه عشر صحائف.

وهو أول من عذّبته أمّته لردّهم دعوته، وأهلك الله أهل الأرض بدعائه، وكان أبا البشر كآدم، على نبينا، وعليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام، وكان أطول الأنبياء عمرا، عمّر ألفا وخمسين سنة، وقيل: عمر ألفا وستّا وخمسين سنة، ولم تنقص قوّته، ولم يشب، ولم تسقط له سنّ، وصبر على إيذاء قومه طول عمره، وكان أبواه مؤمنين بدليل دعوته لهما بالمغفرة في الآية الأخيرة من السورة باسمه. ويروى: أنّ جبريل-عليه السّلام-قال له: يا أطول الأنبياء عمرا كيف وجدت الدنيا؟ قال: وجدتها كدار لها بابان، دخلت من أحدهما، وخرجت من الآخر.

وبشريعته غيّرت بعض أحكام شريعة آدم، ولا سيما تحريم زواج الأخوات. ونوح من أولي العزم الخمسة، ويقال له: شيخ المرسلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>