وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته، أو قال: بتتّه». رواه أبو داود والترمذي. وعن عائشة -رضي الله عنها-قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله». متفق عليه.
هذا؛ والأحاديث النبوية في ذلك كثيرة، والرحم: كل ذكر أو أنثى يمت إليك بالقرابة من جهة الأم أو الأب، وأولى بل وأحق بالبر والصلة الأبوان. {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} أي: مع وفائهم بعهد الله وميثاقه، والقيام بحقوق الرحم يخافون ربهم، والخشية: خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، هذا؛ والماضي خشي، والمصدر خشية، والرجل خشيان، والمرأة خشيا، وهذا المكان أخشى من ذلك، أي: أشد خوفا منه، هذا؛ وقد يأتي الفعل (خشي) بمعنى علم القلبية؛ قال الشاعر:[الكامل]
ولقد خشيت بأنّ من تبع الهدى... سكن الجنان مع النّبيّ محمّد
قالوا: معناه علمت، وقوله تعالى:{فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً} قال الأخفش: معناه كرهنا، وانظر رقم [٨١] من سورة (الكهف).
الإعراب:{وَالَّذِينَ}: معطوف على ما قبله على جميع وجوهه. {يَصِلُونَ}: مضارع مرفوع
إلخ، والواو فاعله. {ما}: اسم موصول أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {أَمَرَ اللهُ}: ماض وفاعله. {بِهِ}: متعلقان بالفعل {أَمَرَ،} وهما في محل نصب مفعول به؛ إذ الأصل: ما أمرهم الله به، فحذف المفعول به، وقام الجار والمجرور مقامه.
وجملة:{أَمَرَ اللهُ بِهِ} صلة {ما،} أو صفتها، والعائد أو الرابط: الضمير المجرور محلاّ بالباء، {أَنْ يُوصَلَ}: مضارع مبني للمجهول منصوب ب {أَنْ،} ونائب الفاعل يعود إلى ما، وأن ويوصل في تأويل مصدر، في محل جر بدل من الضمير، بدل ظاهر من مضمر، وقيل: في محل نصب بدلا من {ما} والأول أولى لقربه، وجوز أن يكون في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: هو الوصل، وقيل: مفعول لأجله على حذف المضاف، التقدير: كراهية وصله، أو التقدير:
لئلا يوصل، ولا وجه لهما البتة، وجملة:{وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} معطوفة على جملة الصلة لا محل لها مثلها، وأيضا جملة:{وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ} معطوفة عليها، لا محل لها مثلها.
الشرح:{وَالَّذِينَ صَبَرُوا}: هذه الصفة الخامسة من صفات أولي الألباب، وانظر الصبر في الآية رقم [١١٥] من سورة (هود) عليه السّلام، وقوله {اِبْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} أي: طلبا لمرضاته