للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلقان بفعل محذوف، التقدير: فعل ذلكم بكم لاطمئنان قلوبكم، وهذا على اعتبار {بُشْرى} مفعولا به ثانيا، والأول أقوى كما رأيت. {وَما}: الواو: حرف استئناف. (ما): نافية.

{النَّصْرُ}: مبتدأ. {إِلاّ}: حرف حصر. {مِنْ عِنْدِ}: متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، و {عِنْدِ} مضاف، و {اللهُ} مضاف إليه، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {إِنَّ}: حرف مشبه بالفعل. {اللهُ}: اسمها. {عَزِيزٌ}: خبر أول. {حَكِيمٌ}: خبر ثان، والجملة الاسمية تعليل لحصر {(النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللهِ)} لا محل لها.

{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (١١)}

الشرح: {يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ} يقرأ بتخفيف الشين من أغشاه. أي: أنزله بكم، وأوقعه عليكم، ويقرأ {يُغَشِّيكُمُ} بتشديد الشين، من غشّاه تغشية غطاه، ويقرأ «(يغشاكم النعاس)» مثل:

يلقاكم من غشيه إذا أتاه وأصابه، فيه ثلاث قراءات سبعية، فعلى الأولين يكون {النُّعاسَ} مفعولا به، وعلى الأخيرة يكون فاعلا، هذا؛ والنّعاس والسّنة والوسن: أوائل النوم. {أَمَنَةً مِنْهُ}: أمنا منه تعالى أي: أمانا لكم من عدوكم أن يغلبكم.

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: النعاس في القتال أمنة من الله، وفي الصلاة من الشيطان، والفائدة في كون النعاس أمنة في القتال: أن الخائف على نفسه لا يأخذه النوم، فصار حصول النوم وقت الخوف الشديد دليلا على الأمن، وإزالة الخوف، وانظر الآية رقم [١٥٤] من سورة (آل عمران)، تجد مثل ذلك، ولكن هناك حصل نعاس لم يعقبه نوم، بخلافه هنا، كما ستعرفه. {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} أي: يطهركم بالماء من الجنابة التي حصلت لبعضكم بالاحتلام، انظر شرح {السَّماءِ} في الآية رقم [٩٦] الأعراف. {السَّماءِ}: انظر الآية رقم [٩٩] من سورة (الأنعام)، {وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ}: وسوسة الشيطان، والرجز:

العذاب كما رأيت في الآية رقم [١٣٤] الأعراف، وجاز أن يسمى رجزا لأنه سبب للرجز، وهو العذاب، وقرئ «(رجس)» بالسين، وهو في الأصل الشيء القذر، فجعل ما يفضي إلى العذاب رجسا استقذارا له. {وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ} أي: باليقين والصبر، والربط في اللغة: الشد، وكل من صبر على أمر، فقد ربط نفسه عليه، ففيه استعارة تصريحية تبعية؛ لأن الربط هو الشد بالحبل. {وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ} أي: بالماء الذي نزل.

روي أن المسلمين نزلوا يوم بدر على كثيب رمل أعفر، تسوخ فيه الأقدام، وحوافر الدواب، وكان المشركون قد سبقوهم إلى ماء بدر، فنزلوا عليه، وأصبح المسلمون على غير ماء، وبعضهم محدث، وبعضهم جنب، وأصابهم العطش، فوسوس لهم الشيطان وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>