للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإبل، وألبانها، وما ينتفع به منها، قال الله تعالى: {لَكُمْ فِيها دِفْءٌ} وفي الحديث «لنا من دفئهم ما سلّموا بالميثاق». وهو أيضا: السخونة، اسم من دفئ الرجل من باب سلم، وطرب، وهو أيضا ما يدفئ، ورجل دفئ (بالقصر) ودفئان (بالمد) وامرأة دفأى ويوم دفيء بالمد، وبابه ظرف، وليلة دفيئة أيضا، وكذا الثوب والبيت، فظهر: أنّ للدفء ثلاثة معان ١ - ما يتحصل من الإبل من نتاج، ولبن، ومنافع ٢ - السخونة، وهي ضد البرودة ٣ - ما يتدفأ به من الثياب.

{وَمَنافِعُ} أي: ما ينتفع به من نسلها، ودرها، وركوبها، والحمل عليها. {وَمِنْها تَأْكُلُونَ} أي: من لحومها، وشحومها، وألبانها.

تنبيه: واحد (الأنعام): نعم، وهو يطلق على الإبل خاصة، فيكون الجمع من باب تغليب الإبل على البقر، والغنم. والأنعام تؤنث كما في هذه الآية، والتي بعدها، وتذكر كما في الآية رقم [٦٦] الآتية، انظر شرحها هناك.

الإعراب: {وَالْأَنْعامَ:} معطوف على {الْإِنْسانَ،} أو هو منصوب على الاشتغال بفعل محذوف، يفسره ما بعده. {خَلَقَها:} ماض: والفاعل يعود إلى (الله). و (ها): مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من (الأنعام) على الوجه الأول فيها، ولا محل لها؛ لأنها مفسرة على الوجه الثاني: في (الأنعام) وتكون الجملة المقدرة معطوفة على جملة: {خَلَقَ الْإِنْسانَ..}. إلخ لا محل لها مثلها. {لَكُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، فتكون الجملة الاسمية:

{فِيها دِفْءٌ} في محل نصب حال من الضمير المنصوب، والرابط: الضمير فقط. هذا؛ وأجيز تعليق {لَكُمْ} بمحذوف خبر مقدم، و {دِفْءٌ} مبتدأ مؤخر، فيكون {فِيها} متعلقين بمحذوف خبر ثان، أو بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر المحذوف المقدر، وتعليقهما بمحذوف حال من {دِفْءٌ} غير مسلّم عند من لا يجيز مجيء الحال من المبتدأ.

(منافع): معطوف على ما قبله. {وَمِنْها:} الواو: حرف عطف. (منها): متعلقان بما بعدهما.

{تَأْكُلُونَ:} مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب حال مثلها.

{وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦)}

الشرح: {وَلَكُمْ:} الخطاب للعرب خاصة، وإن كان يشمل جميع بني آدم؛ لأن العرب، ولا سيما في الجاهلية كانوا يعتمدون في معاشهم على الحيوانات، ولذا كانوا ينتجعون فيها مساقط الغيث، ويجوبون فيها الصحارى؛ طلبا للماء، والمرعى. {فِيها جَمالٌ:} زينة. {حِينَ تُرِيحُونَ} أي: تردونها من مراعيها إلى مراحها في العشي. {وَحِينَ تَسْرَحُونَ:} تخرجونها في الصباح، إلى المراعي، فإن أفنية البيوت تتزين بها في الوقتين، ويجل أهلها في أعين الناظرين إليها، وتقديم الإراحة؛ لأن الجمال فيها أظهر؛ لأنها تقبل ملأى البطون، حافلة الضروع، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>