للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سورة البيّنة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة (لم يكن) وتسمى سورة (البينة) وهي مدنية في قول ابن عباس، والجمهور. وقيل:

مكية في قول يحيى بن سلام، وهي ثمان آيات. وقيل: تسع. وأربع وتسعون كلمة، وثلاثمئة وتسعة وتسعون حرفا، وورد في فضلها ما روي عن أنس-رضي الله عنه-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لأبيّ ابن كعب-رضي الله عنه-: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا..}. إلخ قال:

وسماني لك؟! قال: «نعم». فبكى. خرجه البخاري، ومسلم. قال القرطبي-رحمه الله تعالى-:

وفيه من الفقه: قراءة العالم على المتعلم. قال بعضهم: إنما قرأ النبي صلّى الله عليه وسلّم على أبيّ ليعلم الناس التواضع، لئلا يأنف أحد من التعلم، والقراءة على من دونه في المنزلة. انتهى. وفيه فضيلة عظيمة لأبيّ-رضي الله عنه-. هذا؛ ومناسبة السورة لما قبلها: أنه لما ذكر إنزال القرآن في ليلة القدر. وقال في السورة التي قبلها: {اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ذكر هنا: أن الكفار لم يكونوا منفكين مما هم عليه؛ حتى جاءهم الرسول يتلو عليهم من الصحف المطهرة؛ التي أمر بقراءتها. انتهى.

جمل نقلا من البحر.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١)}

الشرح: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، وبما أنزل عليه من ربه، {مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ:} يعني اليهود، والنصارى، والمشركين: وهم عبدة الأوثان؛ الذين كانوا في مكة، وحولها، وفي المدينة وما حولها من قبائل العرب، وذلك: أن الكفار كانوا جنسين: أحدهما أهل كتاب، وسبب كفرهم ما أحدثوه في دينهم، أما اليهود؛ فقولهم: عزير ابن الله، وتشبيههم الله بخلقه، وأما النصارى فقولهم: المسيح ابن الله، وثالث ثلاثة، وغير ذلك، والثاني:

المشركون أهل الأوثان؛ الذين لا ينتسبون إلى كتاب، فذكر الله الجنسين في الآية الكريمة.

{مُنْفَكِّينَ} أي: منتهين عن كفرهم، مائلين عنه. وقيل: {مُنْفَكِّينَ} زائلين، والعرب تقول: ما انفككت أفعل كذا؛ أي: ما زلت، والمضارع: لا ينفك. قال طرفة في معلقته رقم [٩١]: [الطويل]

فآليت لا ينفكّ كشحي بطانة... لعضب رقيق الشّفرتين مهنّد

<<  <  ج: ص:  >  >>