رأيت في سورة (الجمعة) رقم [٥]. هذا؛ وسفرت المرأة عن وجهها، فهي سافر، وعلى هذا ففي إسفار استعارة؛ لأن معنى: سفر الثلاثي طرح الظلمة عن وجهه.
فائدة:
إذ، وإذا حرفا توقيت، ف: «إذ» للماضي، و «إذا» للمستقبل، وقد توضع إحداهما موضع الأخرى. وقال المبرد-رحمه الله تعالى-: إذا جاء «إذ» مع المستقبل كان معناه ماضيا، نحو قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ،} {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ} معناه: إذ مكروا، وإذا قلت. وإذا جاء (إذا) مع الماضي كان معناه مستقبلا كقوله تعالى: {فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ،} {فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ،} {إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} معناه: يجيء.
{إِنَّها} أي: سقر المذكورة فيما تقدم. {لَإِحْدَى الْكُبَرِ:} لإحدى البلايا العظام، والدواهي الشداد، والكبر جمع الكبرى، مثل: الصغر جمع الصغرى، والعظم جمع العظمى. والكبر:
العظائم من العقوبات. قال الراجز: [الرجز]
يابن المعلّى نزلت إحدى الكبر... داهية الدّهر وصمّاء الغير
{نَذِيراً لِلْبَشَرِ:} قيل: يحتمل أن يكون {نَذِيراً} صفة ل: «النار»، والمعنى: أن النار نذير للبشر. قال الحسن-رحمه الله تعالى-: والله ما أنذر الخلائق بشيء أدهى من النار! وقيل:
يجوز أن يكون {نَذِيراً} صفة لله تعالى. والمعنى: أنا لكم منها نذير فاتقوها. وقيل: هو صفة للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ومعناه: يا أيها المدثر قم نذيرا للبشر فأنذر. انتهى. خازن، وانظر الإعراب.
{لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} أي: يتقدم في الخير، والطاعة، أو يتأخر عنهما، فيقع في الشر، والمعصية. والمعنى: أن الإنذار قد حصل لكل واحد ممن آمن، أو كفر. وقد تمسك بهذه الآية من يرى أن العبد غير مجبور على الفعل، وأنه متمكن من فعل نفسه، فيكون مثل قوله تعالى في سورة (الكهف) رقم [٢٩]: {فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ}. وأجيب عنه بأن مشيئته تابعة لمشيئة الله تعالى. وقيل: إضافة المشيئة إلى المخاطبين على سبيل التهديد، كقوله تعالى في سورة (فصلت) رقم [٤٠]: {اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ،} وقيل: هذه المشيئة لله تعالى. والمعنى: لمن شاء الله منكم أن يتقدم، أو يتأخر. وبين {يَتَقَدَّمَ} و {يَتَأَخَّرَ} طباق واضح.
الإعراب: {كَلاّ:} قيل: هي هنا حرف ردع وزجر. وقيل: هي هنا بمعنى «ألا» الاستفتاحية، وعلى الأول يوقف عليها، ويبتدأ بما بعدها، وعلى الثاني يوقف على: (البشر) ويبتدأ بها.
{وَالْقَمَرِ:} جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. {وَاللَّيْلِ:} معطوف على ما قبله.
{إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بفعل القسم المقدر.
{أَدْبَرَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الليل)، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها.
{وَالصُّبْحِ:} الواو: حرف عطف. (الصبح): معطوف على ما قبله. {إِذا:} ظرف مجرد عن الشرطية مبني على السكون في محل نصب متعلق بفعل القسم المقدر. {أَسْفَرَ:} فعل ماض،