إبراهيم، وعلى آل سيّدنا إبراهيم... إلخ. هذا؛ والذكر الحسن الجميل للإنسان بعد موته عمر ثان له، ورحم الله أمير الشعراء إذ يقول:[الكامل]
دقّات قلب المرء قائلة له: ... إنّ الحياة دقائق وثوان
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها... فالذّكر للإنسان عمر ثان
هذا؛ وانظر شرح (اللسان) في الآية رقم [٤] من سورة (إبراهيم) تجد ما يسرك أما (نا) فقد قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه: (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) وقوله تعالى:
«جعلنا، وهبنا، نحن، إنا» لفظ يقع في جميع اللغات على من كان له شركاء وأمثال، وعلى الواحد المطاع العظيم، الذي له أعوان يطيعونه، وإن لم يكونوا له شركاء، ولا نظراء، والله تعالى خلق كل ما سواه، فيمتنع أن يكون له شريك، أو مثل، والملائكة، وسائر العالمين جنوده، فإذا كان الواحد من الملوك يقول: فعلنا، وإنا، ونحن... إلخ، ولا يريدون أنهم ثلاثة ملوك، فمالك الملك رب العالمين، ورب كل شيء ومليكه هو أحق أن يقول: فعلنا، وإنا، ونحن... إلخ، مع أنه ليس له شريك، ولا مثل، بل له جنود السموات والأرض. انتهى.
أقول: و (نا) هذه تسمى نون العظمة، وليست دالة على الجماعة، كما يزعم الملحدون والكافرون، فالله لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وكثيرا ما يتكلم بها العبد، فيقول: أخذنا، وأعطينا... إلخ، وليس معه أحد، والغاية من هذا الكلام الرد على النصارى الذين يدخلون الشبهة على السذج من المسلمين بأن الإله ثلاثة أقانيم: الأب، والابن، وروح القدس، ويدعمون شبهتهم هذه بالألفاظ الموجودة في القرآن والتي ظاهرها يفيد الجمع. تأمل.
الإعراب:{وَوَهَبْنا:} فعل، وفاعل، والمفعول محذوف، انظر تقديره في الشرح. {لَهُمْ:}
متعلقان بالفعل قبلهما. {مِنْ رَحْمَتِنا:} متعلقان بمحذوف حال من المفعول المحذوف، وهو أولى من قول الجمل: المال والولد تفسير للرحمة ومن للتبعيض، وقوله: يعني أن الجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما. و (نا): في محل جر بالإضافة، وجملة:{وَوَهَبْنا..}. إلخ معطوفة على جملة:{وَوَهَبْنا..}. إلخ في الآية السابقة لا محل لها مثلها، وجملة:{وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ} معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. {عَلِيًّا:} صفة {لِسانَ}. واعتباره مفعولا ثانيا، أو حالا من {لِسانَ صِدْقٍ} لا بأس به.
الشرح:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى} أي: اذكر في القرآن الكريم قصة موسى عليه الصلاة والسّلام من حين نشأته، وولادته إلى وفاته، وهي مذكورة ومفصلة في القرآن، وعلى الأخص في سورة (الأعراف)، وسورة (طه)، وسورة (القصص). {إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً} بفتح اللام؛ أي: