{وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٩)}
الشرح: (ثمود): قوم صالح، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. {جابُوا:}
قطعوا. ومنه: فلان يجوب البلاد؛ أي: يقطعها. قال الشاعر، وكان قد نزل على ابن الزبير في مكة، فكتب له بستين وسقا يأخذها بالكوفة، فقال: [البسيط]
راحت رواحا قلوصي وهي حامدة... آل الزّبير ولم تعدل بهم أحدا
راحت بستين وسقا في حقيبتها... ما حمّلت حملها الأدنى ولا السّددا
ما إن رأيت قلوصا قبلها حملت... ستّين وسقا ولا جابت به بلدا
ورحم الله أحمد شوقي؛ إذ يقول في قصيدته نهج البردة البيت رقم [٨٦] في مديح المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: [البسيط]
جبت السموات أو ما فوقهنّ بهم... على منوّرة درّيّة اللّجم
قال المفسرون: أول من نحت الجبال، والصخور، والرخام: ثمود، فبنوا من المدائن ألفا وسبعمئة مدينة، كلها من الحجارة، ومن الدور، والمنازل ألفي ألف وسبعمئة كلها من الحجارة، وقد قال تعالى في سورة (الحجر) رقم [٨٢]: {وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ} وقال في سورة (الشعراء) رقم [١٤٩]: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ} وكانوا لقوتهم يخرجون الصخور، وينقبون الجبال، ويجعلونها بيوتا؛ لأنفسهم، وقد ذكرت قصتهم مفصلة في سورة (الأعراف) و (هود) و (الشعراء).
(بالوادي): أي: بوادي القرى. قاله محمد بن إسحاق. وروى أبو الأشهب عن أبي نضرة -رضي الله عنه-قال: أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك على وادي ثمود، وهو على فرس أشقر، فقال: «أسرعوا؛ فإنكم في واد ملعون». وروي: أنه صلّى الله عليه وسلّم نهاهم عن شرب مائه، وأكل ما طبخوا به، وعجنوا من مائه. هذا؛ والوادي هو المنفرج بين جبلين يجري فيه السيل، ويجمع على أودية، وأوديات. وأوادية، وأوداء، وأوداه. قال جرير: [الوافر]
عرفت ببرقة الأوداه رسما... محيلا طال عهدك من رسوم
ولم أعثر على «وديان» مع أنه كثير ومستعمل. هذا؛ وقد قال أبو البقاء في جمع واد على أودية، وجمع فاعل على أفعلة شاذ، ولم نسمعه في غير هذا الحرف، ووجهه أن فاعلا قد جاء بمعنى فعيل، وكما جاء فعيل وأفعلة كجريب وأجربة كذلك فاعل. انتهى من سورة (الرعد) الآية [١٧].
هذا؛ وثمود: قبيلة أخرى من قبائل العرب كعاد، سموا باسم أبيهم الأكبر ثمود بن غابر، ابن سام، بن نوح، وهو أخو جديس بن غابر، وكانت مساكن ثمود الحجر بين الحجاز والشام