للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الجمل: الظاهر: أنه تحديث، وكلام حقيقي بأن يخلق الله فيها حياة، وإدراكا فتشهد بما عمل عليها من صالح، وطالح. وقيل: التحديث مجاز عن إحداث الله فيها من الأحوال ما يقوم مقام التحديث باللسان. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١١] من سورة (فصلت)، تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

{يَوْمَئِذٍ:} التنوين ينوب عن جملة محذوفة دلت عليها الغاية؛ أي: يوم تخرج الأرض أثقالها، و (إذ) مضافة لهذه الجملة، فحذفت الجملة الفعلية، وعوض عنها التنوين، وكسرت الذال لالتقاء الساكنين. كما كسرت الهاء في: صه، ومه عند تنوينهما، ومثل ذلك قل في:

حينئذ، وساعتئذ، ونحوهما، و (إذ) في الأصل ظرف لما مضى من الزمان. وأتت في هذه الآية والتي بعدها لما يستقبل بدليل قوله تعالى قبلهما: {إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ}.

الإعراب: {يَوْمَئِذٍ:} بدل من {إِذا،} والعامل فيه هو العامل في المبدل منه. وأجاز الزمخشري تعليقه بما بعده، و (إذ) مبني على السكون في محل جر بالإضافة. {تُحَدِّثُ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر يعود إلى {الْأَرْضُ}. {أَخْبارَها:} مفعول به، و (ها) في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية جواب (إذ) لا محل لها. {بِأَنَّ:} الباء: حرف جر. (أن): حرف مشبه بالفعل. {رَبَّكَ:} اسم (إنّ)، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {أَوْحى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف، والفاعل يعود إلى {رَبَّكَ}. {لَها:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (أنّ)، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بالباء، والجار، والمجرور متعلقان بالفعل {تُحَدِّثُ،} وأجاز الزمخشري اعتبارهما بدلا من {أَخْبارَها} كأنه قيل: يومئذ تحدث بأخبارها بأن ربك أوحى لها.

هذا؛ والفعل حدث، يحدث يتعدى إلى مفعولين: الأول منهما محذوف، التقدير: تحدث الناس. والثاني {أَخْبارَها} ويتعدى للثاني تارة بنفسه كما هنا، وتارة بحرف الجر، تقول: حدثته كذا، وحدثته بكذا.

{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (٦)}

الشرح: {يَوْمَئِذٍ:} يوم تقع الزلزلة، وتخرج الأرض أثقالها. {يَصْدُرُ النّاسُ:}

ينصرفون من موقف الحساب بعد العرض. {أَشْتاتاً:} متفرقين، فآخذ ذات اليمين إلى الجنة، وآخذ ذات الشمال إلى النار، وأشتاتا جمع: شتّ. {لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ} يعني: ثواب أعمالهم.

وهذا كما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال: «ما من أحد يوم القيامة إلا ويلوم نفسه، فإن كان محسنا؛ فيقول: لم لا ازددت إحسانا؟ وإن كان غير ذلك؛ يقول: لم لا نزعت عن المعاصي؟»

<<  <  ج: ص:  >  >>