والترقب بمعنى و {الدَّوائِرَ} جمع دائرة، والمراد: تقلب الزمان وصروفه التي تأتي مرة بالخير، ومرة بالشر، والمراد هنا الثاني، فهم يتمنون موت الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو غلبة المشركين على المسلمين. {عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ} أي: بل ينقلب عليهم الزمان. ويدور الشر والسوء، والبلاء والحزن بهم، ولا يرون في محمد صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه ودينه إلا ما يسوؤهم. {وَاللهُ سَمِيعٌ} أي:
لأقوالهم. {عَلِيمٌ}: بما يخفون في ضمائرهم من النفاق والغش، وإرادة السوء للمؤمنين، و {سَمِيعٌ} و {عَلِيمٌ} صيغتا مبالغة، هذا؛ وقد نزلت الآية في أعراب أسد، وغطفان، وتميم.
بعد هذا انظر شرح:{الْأَعْرابِ} في الآية رقم [٩٠] و {السَّوْءِ} يقرأ بضم السين وفتحها، فالأول: بمعنى المكروه والشر، والهزيمة والبلاء والضرر، والثاني: بمعنى الفساد والرداءة، وانظر الآية رقم [٧٣](الأعراف). وانظر {يُنْفِقُ} في الآية [٣] الأنفال.
الإعراب:{وَمِنَ الْأَعْرابِ}: متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مِنَ}: اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥٠]، {يَتَّخِذُ}: مضارع، وفاعله يعود إلى {مِنَ}. {ما}: تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل نصب مفعول به أول. والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف التقدير: الذي، أو شيئا ينفقه. {مَغْرَماً}: مفعول به ثان، وجملة:{يَتَّخِذُ..}.
إلخ: صلة من، أو صفتها، والعائد، أو الرابط: رجوع الفاعل إليها، وجملة:{وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ}: معطوفة عليها على الوجهين المعتبرين فيها، والجملة الاسمية:{وَمِنَ الْأَعْرابِ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، أو هي مستأنفة لا محل لها على الاعتبارين، {عَلَيْهِمْ}: متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {دائِرَةُ}: مبتدأ مؤخر، وهو مضاف، و {السَّوْءِ}: مضاف إليه، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها، والجملة الاسمية:{وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} مستأنفة أيضا لا محل لها.
الشرح:{وَمِنَ الْأَعْرابِ}: انظر الآية رقم [٩٠]. {يُؤْمِنُ بِاللهِ}: يصدق ويعتقد بوجود الله تعالى، وينزهه عما لا يليق به من صفات النقصان. {وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} أي: يعتقد بوجود اليوم الذي يحاسب الله فيه العباد. انظر الآية رقم [١٩]. {وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ} أي: يعد ويحسب ما ينفقه في سبيل الله، ويتصدق به قربات يتقرب بها إلى رضوان الله وعفوه وإحسانه، وهذا عكس ما في الآية السابقة. {وَصَلَواتِ الرَّسُولِ} أي: دعواته للمتصدقين؛ لأنه عليه الصلاة والسّلام كان يدعو لهم ويستغفر لهم، وانظر الآية رقم [٦]، {أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ}