للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذكور بعد ولادة موسى، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، فلما بعث الله موسى؛ أعاد القتل على بني إسرائيل عقوبة لهم، فيمتنع الناس من الإيمان، ولئلا يكثر جمعهم، فيعتضدوا بالذكور من أولادهم، فشغلهم الله عن ذلك بما أنزل عليهم من أنواع العذاب، كالضفادع، والقمل، والدم، والجراد، والطوفان، كما رأيت في سورة (الأعراف) رقم [١٣٣] ذلك مفصلا.

{وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ} أي: اتركوا بناتهم أحياء. {وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ:} وضع الظاهر فيه موضع الضمير لتعميم الحكم على كل الكافرين، والمتجبرين. {إِلاّ فِي ضَلالٍ} أي: في ضياع؛ يعني: أنهم قتلوا الصبيان أولا، فما أغنى عنهم شيئا، ونفذ قضاء الله بإظهار من خافوه، فما يغني عنهم القتل الثاني شيئا، كما لم يغنهم الأول، فضاع كيدهم في الكرتين.

هذا؛ و (نساء) اسم جمع، لا واحد من لفظه، مثل: رهط، ومعشر، ونفر... إلخ؛ لأن مفرده: امرأة، وجمعها في القلة: نسوة، وفي الكثرة: نساء، وتجمع أيضا على: نسوان، ونسون، ونسنين، وهذه الجموع كلها مأخوذة من النسيان فهي مطبوعة عليه، إما إهمالا، وإما كذبا. ويقال لكل واحد من هذه الجموع: اسم جمع لا واحد له من لفظه، وأما المرأة؛ فهي مأخوذة من المرء، وهو الرجل، فلذا سميت بذلك؛ والأم الأولى حواء سميت بذلك؛ لأنها مأخوذة من حي، وهو آدم، على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام، وانظر ما ذكرته في سورة (الزمر) رقم [٦].

فائدة:

آباء: جمع أب، وأصله: أبو، وأبناء: جمع ابن، وأصله بنو. وجمع الأول: آباو، وجمع الثاني أبناء، ونساء: أصله: نساي، فقل في إعلال الثلاثة: تحركت الواو، أو الياء، وانفتح ما قبلهما، فقلبتا ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية همزة. وقل مثل ذلك في: صحراء، وحمراء، وزرقاء، وبيداء... إلخ.

الإعراب: {فَلَمّا:} الفاء: حرف استئناف. (لما): حرف وجود لوجود عند سيبويه، وبعضهم يقول: حرف وجوب لوجوب وهي ظرف زمان بمعنى: حين عند ابن السراج والفارسي وابن جني، وجماعة تتطلب جملتين مرتبطتين ببعضهما ارتباط فعل الشرط بجوابه، وصوب ابن هشام الأول، والمشهور الثاني. {جاءَهُمْ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {مُوسى،} والهاء مفعول به. {بِالْحَقِّ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، التقدير: ملتبسا بالحق. {مِنْ عِنْدِنا:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من: (الحق)؛ أي: كائنا من عندنا، و (نا): في محل جر بالإضافة، وجملة: {جاءَهُمْ..}. إلخ في محل جر بإضافة (لمّا) إليها، على اعتبارها ظرفا، ولا محل لها على اعتبار (لمّا) حرفا؛ لأنها ابتدائية، {قالُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>