بغرضهم من الاستماع حين هم مستمعون إليك، وحين هم نجوى يتناجون؛ أي: يتحادثون سرا في شأنك، يقول بعضهم: هو مجنون. وبعضهم يقول: هو كاهن. وبعضهم يقول: هو ساحر.
وبعضهم يقول: هو شاعر. وانظر الكلام على الآية رقم [٢٥] من سورة (الأنعام) تجد أنّ المغزى واحد. وانظر شرح {النَّجْوى} في الآية رقم [٦٢] من سورة (طه).
{إِذْ يَقُولُ الظّالِمُونَ:} أبو جهل والوليد بن المغيرة وأمثالهما، {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مَسْحُوراً} أي: مطبوبا قد خبله السحر، فاختلط عليه أمره. وقال مجاهد: معناه: مخدوعا، مثل قوله تعالى:{فَأَنّى تُسْحَرُونَ} أي: من أين تخدعون؟ وقال أبو عبيدة: معناه: أن له سحرا؛ أي: رئة، فهو لا يستغني عن الطعام، والشراب. قال امرؤ القيس:[الوافر]
أرانا موضعين لأمر غيب... ونسحر بالطعام وبالشراب
أي: نغذّى، ونعلّل، وموضعين: مسرعين. وتقول العرب للجبان: قد انتفخ سحره. وفي الحديث عن عائشة-رضي الله عنها-: أنها قالت: «من هذه التي تساميني من أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقد توفي رسول الله بين سحري ونحري» تريد: أنه صلّى الله عليه وسلّم توفي وهو مستند إلى صدرها، وما يحاذي سحرها، وهو الرئة. وانظر (السّحر) في الآية رقم [٥٧] من سورة (طه).
الإعراب:{نَحْنُ أَعْلَمُ:} مبتدأ، وخبر. {بِما:} متعلقان ب: {أَعْلَمُ}. {يَسْتَمِعُونَ:} مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والمفعول به محذوف، انظر الشرح. {بِهِ:} متعلقان بمحذوف حال من (ما)، أو هما متعلقان بالفعل قبلهما، وهو أقوى معنى، وجملة:{يَسْتَمِعُونَ} صلة الموصول، لا محل لها. {إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بأعلم، وجملة:{يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها. {وَإِذْ:} معطوف على ما قبله. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {نَجْوى:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية في محل جر بإضافة (إذ) إليها. {إِذْ:} بدل من سابقه، أو هو متعلق باذكر محذوفا، والجملة الفعلية:{يَقُولُ الظّالِمُونَ} في محل جر بإضافة إذ إليها، والجملة الاسمية:{نَحْنُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {إِنْ} حرف نفي بمعنى: «ما». {تَتَّبِعُونَ:} مضارع مرفوع... إلخ والواو فاعله. {إِلاّ:} حرف حصر. {رَجُلاً:} مفعول به. {مَسْحُوراً:} صفة له، والجملة الفعلية:{إِنْ تَتَّبِعُونَ..}. إلخ في محل نصب مقول القول.