للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ:} انظر إعراب هذه الكلمات في الآية رقم [٦٥].

{بِآياتِ:} متعلقان بما قبلهما، و (آيات) مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {وَأَنْتُمْ:} الواو: واو الحال. ({أَنْتُمْ}): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {تَشْهَدُونَ:} فعل مضارع، وفاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير.

{يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٧١)}

الشرح: {يا أَهْلَ الْكِتابِ:} الخطاب لليهود الخبثاء. {لِمَ} الاستفهام للتوبيخ، والتأنيب.

{تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ:} اللبس: الخلط، يقال: لبست عليه الأمر، ألبسه: إذا مزجت بيّنه بمشكله، وحقّه بباطله، قال تعالى في سورة (الأنعام) رقم [٩]: {وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ} ومن هذا المعنى قول عليّ-رضي الله عنه-للحارث بن حوط: يا حارث! إنه ملبوس عليك، إن الحق لا يعرف بالرّجال، اعرف الحق؛ تعرف أهله. وقالت الخنساء-رضي الله عنه-: [البسيط]

ترى الجليس يقول الحقّ تحسبه... رشدا، وهيهات، فانظر ما به التبسا

صدّق مقالته، واحذر عداوته... والبس عليه أمورا مثل ما لبسا

وروى سعيد بن جبير عن قتادة يقول: لا تلبسوا اليهودية، والنصرانية بالإسلام؛ وقد علمتم:

أنّ دين الله الذي لا يقبل غيره، ولا يجزي به الإسلام، وأنّ اليهودية، والنصرانية بدعة، وليست من الله. وعن ابن عباس، وغيره: لا تخلطوا ما عندكم من الحقّ في الكتاب بالباطل، وهو التغيير، والتبديل؛ الذي فعلوه في التوراة. وقال أبو العالية: قالت اليهود: محمد مبعوث، ولكن إلى غيرنا، فإقرارهم ببعثه حقّ، وجحدهم: أنه بعث إليهم باطل. {وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ} أي: نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم ونعته الموجودين في التوراة، والإنجيل. {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أن نبوّته حق. وانظر الآية السابقة، والآية مذكورة بحروفها ومعناها في سورة (البقرة) [٤٢].

هذا؛ و ({تَكْتُمُونَ}) ماضيه: كتم، من باب: نصر، وربما عدّي إلى مفعولين، فيقال: كتمت زيدا الحديث. وقال تعالى: {وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً} والأكثر: أن يتعدى للثاني بحرف الجر، قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٥٩]: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى} وتزاد «من» جوازا في المفعول الأول، فيقال: كتمت من زيد الحديث، وقد تعدّى في الآية الكريمة إلى مفعول واحد. وكتم الشيء: بالغ في كتمانه، أي: في إخفائه. قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان». قال صاحب القاموس: والكتم-محركة-والكتمان-بالضم-:

نبت يخلط بالحناء، ويخضب به الشّعر، ويصنع منه مداد الكتابة. انتهى. ورحم الله البوصيري إذ يقول: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>