للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَذَرُوها}: الفاء: هي الفصيحة، وانظر ما ذكرته في الآية [١٧] (ذروها): أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، و (ها): مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ذلك حاصلا وواقعا؛ فذروها. {تَأْكُلْ}: مضارع مجزوم جوابا للطلب وجزمه عند الجمهور بشرط محذوف، والفاعل مستتر تقديره: «هي»، وقال أبو إسحاق الزجاج: ويجوز رفع (تأكل) على الحال أو الاستئناف، ولم أجد من قرأ به. {فِي أَرْضِ}:

متعلقان بما قبلهما، و {أَرْضِ}: مضاف، و {اللهِ}: مضاف إليه. {وَلا تَمَسُّوها}: مضارع مجزوم ب‍ (لا) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، و (ها): مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: (ذروها) لا محل لها مثلها. {بِسُوءٍ}: متعلقان بالفعل قبلهما.

{فَيَأْخُذَكُمْ}: مضارع منصوب ب‍ «أن» مضمرة بعد الفاء السببية، والكاف مفعول به. {عَذابٌ}:

فاعله. {قَرِيبٌ}: صفة، و «أن» المضمرة والمضارع في تأويل مصدر معطوف بالفاء على مصدر متصيد من الفعل السابق، التقدير: لا يكن منكم مس للناقة بسوء؛ فأخذ لكم، بعد هذا لعلك تدرك معي أن الآية بكاملها في محل نصب مقول القول؛ لأنها من مقول صالح عليه السّلام، وينبغي أن تعلم: أن الآية مذكورة بحروفها في (الأعراف) برقم [٧٣].

{فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥)}

الشرح: {فَعَقَرُوها}: عقرها رجل منهم اسمه قدار، ضربها في رجليها، فأوقعها، فذبحوها، واقتسموا لحمها، و (قدار) هذا من أشقى الأشقياء الأولين، وأشقى الآخرين عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يا عليّ! أشقى الأوّلين عاقر ناقة صالح، وأشقى الآخرين قاتلك». هذا؛ وأضيف عقر الناقة إلى كل القوم؛ لأنه كان برضاهم. {فَقالَ} أي: صالح عليه السّلام. {تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ}: عيشوا في دياركم. {ثَلاثَةَ أَيّامٍ}: هي يوم الخميس، والجمعة، والسبت، وأتاهم العذاب يوم الأحد، والعقر كان يوم الأربعاء. {ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} أي: غير مكذوب فيه، فاتسع في الظرف بحذف حرف الجر، وإجرائه مجرى المفعول به، قال الشاعر: [الطويل]

ويوما شهدناه سليما وعامرا... قليلا سوى الطّعن النّهال نوافله

أي: شهدنا فيه، فحذف حرف الجر، وانتصب الضمير، واتصل بالفعل، أو هو مصدر كالمجلود والمعقول، فيكون التقدير: وعد غير كذب، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

هذا؛ ولقد ذكرت لك في الآية رقم [٧٣] من سورة (الأعراف): أن الجمل نقل عن كتاب «التحبير» أن صالحا عليه الصلاة والسّلام قد عاش مائتين وثمانين سنة، وذكرت في الآية رقم [٧٨] منها أن الخازن نقلا عن أهل العلم: أنه قد عاش ثمانية وخمسين عاما، وأقام في قومه عشرين

<<  <  ج: ص:  >  >>