الشرح:{قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ} أي: يخافون الله، ويراقبونه، وهما: يوشع بن نون، وكالب بن يوفنا على المعتمد. {أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا} أي: بالعصمة، والإيمان، فكتما ما اطّلعا عليه من حال الجبابرة إلا عن موسى، عليه السّلام، بخلاف بقية النّقباء، فإنّهم أفشوا، فجبنوا.
وقال البيضاوي تبعا للكشّاف: وقيل: كانا رجلين من الجبابرة أسلما، وسارا إلى موسى. فعلى هذا «الواو» لبني إسرائيل، والرّاجع إلى الموصول محذوف، أي: من الذين يخافهم بنو إسرائيل، ويشهد له: أنّه قرئ: «(الذين يخافون)» بالضمّ، أي: المخوفين وعلى المعنى الأوّل يكون هذا من الإخافة؛ أي: من الذين يخوّفون من الله بالتّذكير، أو يخوّفهم الوعيد. انتهى.
{أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا:} بالإيمان، واليقين، والصّلاح. {اُدْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ} باب قريتهم، أي: باغتوهم، وامنعوهم من الخروج إلى الصّحراء لئلا يجدوا للحرب مجالا. بخلاف ما إذا دخلتم عليهم الأبواب، فإنّهم لا يقدرون فيها على الكرّ، والفرّ لعظم أجسامهم، ولا يهولنّكم عظم أجسامهم، فقلوبهم ملئت رعبا منكم، فأجسامهم عظيمة، وقلوبهم ضعيفة جبانة. {فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ:} قالا ذلك تيقّنا بنصر الله، وإنجاز وعده، ولما عهداه من صنع الله بموسى، على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.
{وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا..}. إلخ: أي: اعتمدوا على الله، وثقوا بنصره بعد الأخذ بأسباب النصر، من تضحية، وبذل مال، ونفس في سبيل الله. {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ:} بالله، وبنبوّة موسى. فلمّا قال الرجلان ذلك؛ أراد بنو إسرائيل أن يرجموهما بالحجارة، وعصوا أمرهما، وقالوا ما أخبر الله عنهم بالآية التالية:
الإعراب:{قالَ:} فعل ماض. {رَجُلانِ:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة؛ لأنّه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {مِنَ الَّذِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {رَجُلانِ}. {يَخافُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، ومفعوله محذوف. انظر الشرح، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {أَنْعَمَ:} فعل ماض. {اللهُ:} فاعله. {عَلَيْهِمَا:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، والميم والألف حرفان دالان على التثنية، والجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية ل:{رَجُلانِ،} أو في محل نصب حال منهما بعد وصفهما بما تقدّم، أو هي حال من الواو، وهو ضعيف، ويجب تقدير «قد» قبلها على اعتبارها حالا، أو هي معترضة بين القول ومقوله على اعتبارها دعائية إنشائية، قاله ابن هشام