الشرح: قال ابن إسحاق وغيره من أصحاب السير: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما غزا بني المصطلق، وازدحم الناس على الماء؛ اقتتل رجلان: أحدهما: جهجاه بن أسيد من المهاجرين، وكان أجيرا لعمر-رضي الله عنه-. والثاني من الأنصار، اسمه: سنان الجهني، وكان حليفا لعبد الله بن أبيّ رأس المنافقين، فلما اقتتلا؛ صاح جهجاه: يا للمهاجرين، وصاح سنان:
يا للأنصار! فقام رجل من فقراء المهاجرين، ولطم سنانا، فقال عبد الله بن أبي-أخزاه الله-: ما صحبنا محمدا إلا لتلطم وجوهنا! والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك! أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل! ثم قال لقومه: ماذا فعلتم بأنفسكم؟! قد أنزلتموهم بلادكم، وقاسمتموهم في أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم فضل الطعام؛ لتحولوا من عندكم، فلا تنفقوا عليهم؛ حتى ينفضوا من حول محمد!.
فسمع ذلك زيد بن أرقم-رضي الله عنه-فبلغه لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعبد الله:
«أنت صاحب الكلام الذي بلغني عنك؟». فحلف: أنه ما قال شيئا، وأنكر. فهو قوله تعالى:
{اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً}. انتهى. جمل. وهو في الترمذي.
وروى البخاري عن زيد بن أرقم-رضي الله عنه-قال: كنت مع عمي، فسمعت عبد الله بن أبيّ بن سلول يقول:{لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ..}. إلخ. وقال:{لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ..}. إلخ فذكرت ذلك لعمي، فذكره عمي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى عبد الله بن أبيّ، وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فصدقهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكذّبني، فأصابني هم لم يصبني مثله، فجلست في بيتي، فأنزل الله عز وجل:{إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ} إلى قوله: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا}