الشرح:{أَوْ كَصَيِّبٍ..}. إلخ: المعنى: ومثلهم في نفاقهم كمثل مطر نزل من السّماء
إلخ، ففيه، وفي قوله تعالى:{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي..}. إلخ: تشبيه تمثيلي، شبه في الآية السابقة المنافق بالمستوقد للنّار، وإظهاره الإيمان بالإضاءة، وانقطاع انتفاعه بانطفاء النّار، وفي هذه الآية شبه الإسلام بالمطر؛ لأن القلوب تحيا به كحياة الأرض بالماء، وشبه شبهات المنافقين، والكافرين بالظّلمات، وما في القرآن من الوعد، والوعيد بالرّعد، والبرق... إلخ.
هذا و (الصّيّب): المطر، وأصله: صيوب من صاب، يصوب؛ أي: نزل، ينزل، فقل في إعلاله: اجتمعت الياء، والواو، وسبقت إحداهما بالسّكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء. وقل مثله في إعلال: ميّت، وسيّد، وهيّن... إلخ، وهو على حذف مضاف؛ أي: مثلهم في نفاقهم كمثل أصحاب صيّب.
و {السَّماءِ:} يذكر، ويؤنث، وهو كل ما علاك، فأظلّك، ومنه قيل لسقف البيت: سماء، والسماء يطلق على المطر، يقال: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم. قال معاوية بن مالك:[الوافر]
إذا نزل السّماء بأرض قوم... رعيناه وإن كانوا غضابا
أراد بالسّماء: المطر، ثمّ أعاد الضمير عليه في رعيناه بمعنى النّبات، وهذا يسمّى في فن البديع بالاستخدام. وأصل «سماء»: سماو، فيقال في إعلاله: تحركت الواو وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة لأنّها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية همزة. {ظُلُماتٌ:} المراد هنا: ظلمة السّحاب، وظلمة المطر، وظلمة اللّيل مجتمعة، وانظر تفسيرها بغير هذا في الآية رقم [١٧].
({رَعْدٌ وَبَرْقٌ}): مصدران لا يجمعان، فالأول: مصدر: رعد، يرعد، والثاني: مصدر: برق يبرق. و (الرّعد): اسم ملك يسوق السّحاب، و (البرق): لمعان سوط من نور يزجر به السّحاب، قاله ابن عباس، رضي الله عنهما. وفي العلم الحديث: الرّعد: صوت احتكاك أجرام السّحاب، والبرق: مما ينقدح من احتكاكها. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: من سمع صوت الرعد، فقال: سبحان من يسبح الرّعد بحمده، والملائكة من خيفته، وهو على كل شيء قدير، فإن أصابته صاعقة؛ فعليّ ديته، وكان يقول: إنّ الوعيد لأهل الأرض شديد، انظر قوله تعالى في سورة (الرّعد) رقم [١٣]: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-: