أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سمع الرّعد، والصّواعق، قال:«اللهمّ لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك». أخرجه الترمذيّ، وقال: حديث غريب.
{يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ} أي: من أجل الصواعق، والمراد: رءوس الأصابع، وهي الأنامل، لأن دخول الأصابع كلها في الآذان لا يمكن، فهو من إطلاق الكل وإرادة الجزء، وهذا ما يسمّى المجاز المرسل، و {الصَّواعِقِ:} جمع: صاعقة. قال ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما: إذا اشتدّ غضب الرّعد الذي هو الملك، طار النّار من فيه، وهي الصّواعق. وكذا قال الخليل: هي الواقعة الشّديدة من صوت الرّعد، يكون معها أحيانا قطعة نار تحرق ما أتت عليه.
وقرأ الحسن البصري:(«من الصّواقع») بتقديم القاف، ومنه قول أبي النّجم العجلي:[الرجز]
يحكون بالصّواقع القواطع... تشقّق البرق عن الصّواقع
قال النحاس: وهي لغة تميم، وبني ربيعة، ويقال: صعقتهم السّماء: إذا ألقت عليهم الصّاعقة، والصاعقة أيضا: صيحة العذاب، قال الله تعالى في كثير من الآيات:{فَأَخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ} والمراد: صيحة العذاب، والهلاك. هذا و (الأصابع): جمع: إصبع، فلم تذكر بلفظ المفرد أبدا في القرآن الكريم، وقد ذكرت بلفظ الجمع هنا، وفي سورة (نوح) على نبينا وعليه ألف صلاة، وألف سلام، والأنامل: ذكرت بلفظ الجمع في سورة (آل عمران) رقم [١١٩] فقط، ولم تذكر في غيرها، والأنملة: رأس الإصبع، ففيها وفي إصبع تسع لغات: تثليث همزتها، وتثليث ميم أنملة، وتثليث بإصبع، وتزيد أصبوعا، وقد نظم ذلك بعضهم، فقال:[البسيط]
بإصبع ثلّثن مع ميم أنملة... وثلّث الهمز أيضا وارو أصبوعا
{حَذَرَ الْمَوْتِ:} خوف الموت، و ({حَذَرَ})(«حذار») قراءتان، وهما بمعنى واحد. هذا؛ و {الْمَوْتِ:} هو انتهاء الحياة بخمود حرارة البدن، وبطلان حركته، وموت القلب: قسوته، فلا يتأثر بالمواعظ، ولا ينتفع بالنّصائح. {مُحِيطٌ:} أي عليم علما دقيقا بالكافرين، فلا يفوتونه، ولا يعجزونه، يقال: أحاط السلطان بفلان: إذا أخذه أخذا حاصرا من كلّ جهة، فهو من باب المجاز، بل هي استعارة تبعيّة في الصّفة سارية إليها من صدرها، انتهى جمل نقلا من كرخي.
قال الشاعر:[الطويل]
أحطنا بهم حتّى إذا ما تيقّنوا... بما قد رأوا مالوا جميعا إلى السّلم
ومنه قوله تعالى في سورة (الكهف) رقم [٤٣]: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ،} وقال تعالى في آخر سورة (الطلاق): {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً}. هذا؛ و {مُحِيطٌ} أصله: (محوط) لأنه من: أحاط، يحيط، أو من: حاط، يحوط، وهو أولى، فهو من الباب الأول، فقل في إعلاله: اجتمع معنا حرف صحيح ساكن وحرف علة متحرك، والحرف الصحيح