سورة (التكوير) مكية في قول الجميع، وهي تسع وعشرون آية، ومئة وأربع كلمات، وخمسمئة وثلاثون حرفا. وفي الترمذي عن ابن عمر-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة، كأنه رأي العين، فليقرأ:{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} و {*إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ،} و {إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ»}. قال: هذا حديث حسن غريب. هذا؛ وذكرت في أول سورة (هود) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: أنّ ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال أبو بكر-رضي الله عنه-يا رسول الله! قد شبت! قال: «شيبتني (هود) و (الواقعة) و (المرسلات) و (عم يتساءلون) و {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ»}. أخرجه الترمذي. وقال:
حديث حسن غريب. وفي رواية غيره؛ قال: قلت: (يا رسول الله! عجّل إليك الشيب، قال:
«شيّبتني (هود) وأخواتها: (الحاقة) و (الواقعة)، و {عَمَّ يَتَساءَلُونَ} و {هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ»}.
قال بعض العلماء: سبب شيبه صلّى الله عليه وسلّم من هذه السور المذكورة في الحديث، لما فيها من ذكر القيامة، والبعث، والحساب، والجنة والنار. والله أعلم بمراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
الشرح:{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أظلمت، وغورت.
وقيل: اضمحلت، وذهبت. قال ابن كثير: والصواب من القول عندنا في ذلك: أن التكوير جمع الشيء بعضه على بعض، ومنه تكوير العمامة، وجمع الثياب بعضها إلى بعض، فمعنى قوله تعالى:{كُوِّرَتْ} جمع بعضها إلى بعض، ثم لفت، فرمي بها، وإذا فعل بها ذلك؛ ذهب ضوءها. روي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنه قال: يكور الله الشمس، والقمر، والنجوم يوم القيامة في البحر، ويبعث ريحا دبورا، فتضرمها نارا. وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«الشمس والقمر يكوّران يوم القيامة». أخرجه البخاري. هذا؛ وفي المصباح:
كار العمامة كورا من باب: قال، والجمع: أكوار، مثل: ثوب، وأثواب.