في دينه عوج بالكسر، وفي الجدار عوج بالفتح. {أُولئِكَ} أي: الموصوفون بما ذكر. {فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} أي: ضلوا عن سبيل الله الحق، وحادوا عنه بمراحل عديدة. هذا؛ وفي إسناد البعد إلى الضلال مجاز عقلي؛ لأن البعيد في الحقيقة إنما هو الضال؛ لأنه هو الذي يتباعد عن الطريق، فوصف به فعله، كما تقول: جد جده.
الإعراب:{الَّذِينَ:} بدل من الكافرين، أو هو صفة لهم، أو هو منصوب على الذم بفعل محذوف، أو هو مبتدأ، خبره ما بعده، فهو مبني على الفتح في محل جر، أو في محل نصب، أو في محل رفع، وجملة:{يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا} صلة الموصول لا محل لها. {عَلَى الْآخِرَةِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {الْحَياةَ الدُّنْيا} أي:
حالة كونها مفضلة على الآخرة، وجملة:{وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} معطوفة على جملة الصلة لا محل لها مثلها. {(يَبْغُونَها):} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، وها: مفعول به، وقد كان هذا الضمير مجرورا بحرف الجر، فلما حذف الجار اتصل بالفعل، وانتصب به على حد قوله تعالى:{وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}.
{عِوَجاً:} مفعول به ثان على التوسع. هذا؛ وقد قيل: إن الضمير مفعول به صراحة، و {عِوَجاً} حال من الضمير بمعنى: معوجة، ولا بأس به، والجملة الفعلية معطوفة على جملة الصلة، لا محل لها مثلها. {أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {فِي ضَلالٍ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {بَعِيدٍ:} صفة {ضَلالٍ،} والجملة الاسمية مستأنفة على الوجهين الأولين في الموصول، وفي محل رفع خبره على اعتباره مبتدأ. تأمل، وتدبر.
الشرح:{وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ:} إلا بلغة قومه الذين هو منهم، وبعث فيهم. {لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} أي: ما أمروا به، فيفهموه عنه بيسر، وسهولة، وسرعة، ثم ينقلوه، ويترجموه لغيرهم، فإنهم أولى الناس إليه بأن يدعوهم وأحق بأن ينذرهم. {فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ:} انظر الكلام على هاتين الجملتين في الآية رقم [٢٩] من سورة (الرعد).
{الْعَزِيزُ:} هو القوي الغالب الذي لا يغلب. {الْحَكِيمُ:} هو الذي يضع الأمور مواضعها، وقدم العزيز، لتقدم العلم بقدرته على العلم بحكمته.
هذا وقد قرئ: «(بلسن)» بصيغة الجمع بضم اللام، وضم السين، وتسكينها أيضا، وهو على هذا مؤنث كذراع، وأذرع، ويذكر فيجمع على ألسنة كحمار، وأحمرة، وتصغيره على التذكير:
لسين، وعلى التأنيث لسينة، وقد يجعل اللسان كناية عن كلمة السوء كما في قول الشاعر:[الوافر]