للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيبويه: فيما يتلى عليكم مثل الجنة، والجملة بعدها أيضا مفسرة للمثل. الثاني: أن {مَثَلُ} زائدة، تقديره: الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار. الثالث: أنّ {مَثَلُ الْجَنَّةِ} مبتدأ، والخبر قوله: {فِيها أَنْهارٌ} وهذا ينبغي أن يمتنع؛ إذ لا عائد من الجملة إلى المبتدأ، ولا ينفع كون الضمير عائدا إلى ما أضيف إليه المبتدأ. الرابع: أنّ {مَثَلُ الْجَنَّةِ} مبتدأ، خبره: {كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النّارِ} فقدره ابن عطية: أمثل أهل الجنة، كمن هو خالد؟! فقدّر حرف الإنكار، ومضافا؛ ليصح. وقدّره الزمخشري: كمثل جزاء من هو خالد؟! والجملة من قوله: {فِيها أَنْهارٌ..}. إلخ، على هذا فيها ثلاثة أوجه: أحدها: هي حال من {الْجَنَّةِ} أي: مستقرة فيها أنهار. الثاني: أنها خبر لمبتدأ مضمر؛ أي: هي فيها أنهار. كأنّ قائلا قال: ما مثلها، فقيل: فيها أنهار. الثالث:

أن يكون من تكرير الصلة؛ لأنها في حكمها. ألا ترى أنه يصح قولك: التي فيها أنهار، وإنما عرّي من حرف الإنكار. انتهى. جمل بحروفه. وأنت ترى أن الإعراب الأول أسهل، وأخصر.

{وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ:} معطوف على سابقه، وهو مثله في إعرابه. {لَمْ:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَتَغَيَّرْ:} مضارع مجزوم ب‍: {لَمْ}. {طَعْمُهُ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل جر صفة: {لَبَنٍ}. {وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ:} معطوف أيضا على سابقه. {لَذَّةٍ:}

قال الزمخشري، وتبعه البيضاوي: قرئ بالحركات الثلاث، فالجر على أنه صفة (الخمر)، والرفع على أنه صفة (الأنهار)، والنصب على أنه مفعول لأجله. {لِلشّارِبِينَ:} متعلقان ب‍: {لَذَّةٍ،} أو بمحذوف صفة له. {وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى:} معطوف على ما قبله، وإعرابه مثله بلا فارق.

{وَلَهُمْ:} الواو: حرف استئناف. (لهم): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

{فِيها:} متعلقان بالخبر المحذوف. {مِنْ كُلِّ:} متعلقان بمحذوف صفة مبتدأ محذوف، التقدير: ولهم فيها أصناف من كل الثمرات. هذا؛ وأجيز اعتبار {مِنْ} صلة، و {كُلِّ} مبتدأ مؤخرا، فهو مجرور لفظا مرفوع محلا، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. وإن اعتبرتها معطوفة على ما قبلها؛ فلا محلّ لها. {وَمَغْفِرَةٌ:} معطوف على المبتدأ في الجملة السابقة على الاعتبارين فيه؛ أي: المقدار، أو المذكور. {مِنْ رَبِّهِمْ:} متعلقان ب‍: (مغفرة)، أو بمحذوف صفة له، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه.

هذا؛ وأجيز اعتبار (مغفرة) مبتدأ، خبره محذوف، التقدير: ولهم مغفرة، فيكون العطف عطف جملة اسمية على مثلها.

{كَمَنْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف أيضا، التقدير: أمن هو في هذا النعيم كمن... إلخ. انتهى. جلال. وقدره الكواشي: أمثل هذا الجزاء الموصوف كمثل جزاء من هو خالد في النار؟! وهو مأخوذ من اللفظ فهو أحسن. وقيل: {مَثَلُ الْجَنَّةِ} مبتدأ خبره: {كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النّارِ} وما بينهما اعتراض. وقال أبو البقاء: الكاف في موضع رفع؛ أي: حالهم كحال من

<<  <  ج: ص:  >  >>