مغفرة فيها برفع التكاليف عنهم فيما يأكلون، ويشربون بخلاف الدنيا، فإن مأكولها يترتب عليه حساب، وعقاب، ونعيم الجنة لا حساب عليه، ولا عقاب فيه. انتهى. من الخازن.
{كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النّارِ} يعني: من هو في هذا النعيم المقيم الدائم كمن هو في النار خالد فيها، يتجرع من حميمها، ويصلى سعيرها؟! وقال ابن كيسان: مثل هذه الجنة التي فيها الثمار، والأنهار كمثل النار التي فيها الحميم والزقوم؟! ومثل أهل الجنة في النعيم المقيم كمثل أهل النار في العذاب المقيم؟!
{وَسُقُوا ماءً حَمِيماً:} شديد الحر، قد استعرت عليه جهنم منذ خلقت؛ إذا دنا منهم؛ شوى وجوههم، ووقعت فروة رؤوسهم (ف): إذا شربوه (قطع أمعاءهم) يعني: فخرجت من أدبارهم.
والأمعاء جمع: معى، وتثنيته: معيان، وهو جميع ما في البطن من الحوايا. وخذ ما يلي:
فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«إنّ الحميم ليصبّ على رؤوسهم، فينفذ حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه؛ حتّى يمرق من قدميه، وهو الصّهر، ثمّ يعاد كما كان». أخرجه الترمذي، والبيهقي. هذا؛ وقال تعالى في سورة (الحج) رقم [١٩ و ٢٠]: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ}. عن أبي أمامة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في قوله تعالى من سورة (إبراهيم) رقم [١٧]: {وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ} قال: يقرّب إلى فيه، فيكرهه، فإذا أدني منه؛ شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه؛ قطّع أمعاءه؛ حتى يخرج من دبره، يقول الله تعالى:{وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ} ويقول: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ}. رواه أحمد، والترمذي، وقال: حديث غريب. وهذه الاية من سورة (الكهف) رقم [٢٩] انظر شرح الايات في محالها تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{مَثَلُ:} مبتدأ، وهو مضاف، و {الْجَنَّةِ:} مضاف إليه. {الَّتِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة: {الْجَنَّةِ}. {وُعِدَ:} ماض مبني للمجهول. {الْمُتَّقُونَ:}
نائب فاعل مرفوع... إلخ، وهو المفعول الأول. والجملة الفعلية صلة الموصول، والعائد محذوف، وهو المفعول الثاني، التقدير: التي وعدها المتقون. {فِيها:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم. {أَنْهارٌ:} مبتدأ مؤخر. {مِنْ ماءٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {أَنْهارٌ}. {غَيْرِ:} صفة: {ماءٍ،} وهو مضاف، و {آسِنٍ:} مضاف إليه، والجملة الاسمية:{فِيها..}. إلخ، في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو {مَثَلُ}. واعترض هذا الإعراب بأن الخبر جملة، ولا رابط فيها يعود على المبتدأ، ويمكن أن يجاب بأن الخبر عين المبتدأ؛ لأن اشتمالها على أنها من كذا، وكذا صفة لها.
وفي السمين: قوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ:} فيه أوجه: أحدها: أنه مبتدأ، وخبره مقدر، قدره النضر بن شميل: مثل الجنة ما تسمعون، ف:«ما تسمعون خبره» و {فِيها أَنْهارٌ} مفسر له، وقدره