للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتحقق وقوعه، وقد ذكرته كثيرا. {وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ..}. إلخ: أي: ونزلنا عليك القرآن مبينا، وموضحا لكل شيء تحتاجه من أمور الدين والدنيا، وهو مثل الآية رقم [١٢] من سورة (الإسراء). {وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ} أي: رشدا وبيانا، وهداية من الضلالة، ونعمة شاملة لمن قرأ القرآن، وانتفع به. وخص المسلمين بالذكر؛ لأنهم هم الذين ينتفعون بالقرآن وتعاليمه. وانظر الآية رقم [١١١] من سورة (يوسف) عليه السّلام؛ تجد ما يسرك.

هذا؛ والتبيان مصدر، ولم يجئ من المصادر على هذه الزنة إلا لفظان: هذا؛ والتلقاء، وهو في الأسماء كثير، نحو التمثال، والتمساح.

هذا؛ وقد قال تعالى في هذه الآية: {وَنَزَّلْنا} وقال في كثير من الآيات: {أَنْزَلْنا} وهو يفيد أن القرآن نزل مفرقا في ثلاث وعشرين سنة على حسب الوقائع، ومقتضيات الأحوال، على ما نرى عليه أهل الشعر، والخطابة، وهذا ممّا يريبهم، كما حكى سبحانه وتعالى ذلك عنهم:

{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً} فبين سبحانه الحكمة من ذلك بقوله:

{كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً}.

تنبيه: اعتبار القرآن تبيانا لكل شيء، إما في نفسه كما هو مشاهد وموجود في كثير من الآيات، وإما بإحالته على السّنّة؛ أي: على الأحاديث الشريفة لقوله تعالى: {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٤٤] و [٦٤]، أو بإحالته على الإجماع، كما قال تعالى: {وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ..}.

إلخ، أو على القياس، كما قال تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ} والاعتبار: النظر، والاستدلال، اللذان يحصل بهما القياس، فهذه أربعة طرق، لا يخرج شيء من أحكام الشريعة عنها، وكلها مذكورة في القرآن، فكان تبيانا لكل شيء، فاندفع ما قيل: كيف قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ} ونحن نجد كثيرا من أحكام الشريعة لم يعلم من القرآن نصّا، كعدد ركعات الصلوات، ومدة المسح والحيض، ومقدار حد الشرب، ونصاب السرقة، وغير ذلك، ومن ثمّ اختلف الأئمة في كثير من الأحكام. انتهى. جمل نقلا من كرخي، بتصرف كبير مني.

الإعراب: {وَيَوْمَ:} الواو: حرف استئناف. (يوم): ظرف زمان متعلق بفعل محذوف، التقدير: اذكر يوم، أو هو مفعول به. {نَبْعَثُ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». {فِي كُلِّ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و {كُلِّ:} مضاف، و {أُمَّةٍ:} مضاف إليه. {شَهِيداً:} مفعول به.

{عَلَيْهِمْ:} متعلقان ب‍: {شَهِيداً}. {مِنْ أَنْفُسِهِمْ:} متعلقان بمحذوف صفة {شَهِيداً،} والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: {نَبْعَثُ..}. إلخ في محل جر بإضافة (يوم) إليها. (جئنا): فعل، وفاعل. {بِكَ:} متعلقان بما قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به. {شَهِيداً:} حال من الكاف. {عَلى:} حرف جر. {هؤُلاءِ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل جر بعلى، والهاء

<<  <  ج: ص:  >  >>