وكثيرا ما يخطئ، وقد يصيب، فيبقى من غيب الله تعالى. وأضيف: أنه ذكر في تفسير: {مَفاتِحُ الْغَيْبِ} أمور، فقال الضحاك، ومقاتل:{مَفاتِحُ الْغَيْبِ،} خزائن الأرض، وعلم نزول العذاب، وقال عطاء: هو ما غاب عنكم من الثواب والعقاب. وقيل: انقضاء الآجال، وعلم أحوال العباد من السعادة والشقاوة، وخواتيم أعمالهم. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنها خزائن غيب السموات والأرض، من الأقدار والأرزاق، وغير ذلك. انتهى خازن بتصرف.
بعد هذا أقول: اختلف في {مَفاتِحُ:} فقيل: هو جمع: مفتح بفتح الميم وكسر التاء، كمخزن وزنا ومعنى، وهذا على تفسيره بخزائن. وقيل: هو جمع: مفتح بكسر الميم، وفتح التاء، وهذا على تفسيره بطرق الغيب، فيكون مرادا به: الآلة المعلومة، ويؤيده قراءة مفاتيح، جمع: مفتاح، ويكون حذف منه عند الجمع الألف التي تقلب ياء في صيغة منتهى الجموع، كما نقل في جمع مصباح مصابح، وفي جمع محراب محارب. انتهى جمل بتصرف كبير.
{الْبَرِّ:} بفتح الباء، وهو الأرض القفر التي لا ماء فيها ولا نبات. و {وَالْبَحْرِ} القرى والأمصار، ولا يحدث فيها شيء إلا والله يعلمه، قاله مجاهد، وقال جمهور المفسرين، هو (البر والبحر) المعروفان؛ لأن جميع الأرض، إما بر وإما بحر، وفي كل واحد منهما من عجائب مصنوعاته، وغرائب مبتدعاته ما يدل على عظيم قدرته، وسعة علمه. وهذا هو المعتمد. هذا؛ والبر بكسر الباء: كلمة جامعة لجميع خصال الخير الدنيوية والأخروية. انظر الآية رقم [١٧٦] من سورة (البقرة) والبر بضم الباء: القمح الحنطة التي نأكلها خبزا... {تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ:} يعلم عدد ما يسقط من أوراق الشجر. وعدد ما يبقى منه. {حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ} أي: حبة موجودة في بطن الأرض، قبل أن تنبت وما يطرأ عليها من تغيرات حتى تخرج من الأرض، وانظر:{ظُلُماتِ} في الآية رقم [١]. {رَطْبٍ وَلا يابِسٍ:} هو عبارة عن كل شيء في الوجود؛ لأن جميع الأشياء، أما رطبة، وإما يابسة. {كِتابٍ:} المراد به اللوح المحفوظ؛ لأن الله تعالى كتب فيه علم ما يكون وما قد يكون قبل أن يخلق السموات والأرض. وفائدة إحصاء الأشياء كلها في هذا الكتاب؛ لتقف الملائكة على إنفاذ ما سجله الله فيه. انتهى خازن. {مُبِينٍ} انظر الآية رقم [١٦].
الإعراب:(عنده): ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم، والهاء في محل جر بالإضافة.
{مَفاتِحُ:} مبتدأ مؤخر، وهو مضاف، و {الْغَيْبِ:} مضاف إليه، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {لا:} نافية. {يَعْلَمُها:} مضارع ومفعوله. {إِلاّ:} حرف حصر لا محل له. {هُوَ:} ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع وقع فاعلا للفعل قبله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من:{مَفاتِحُ الْغَيْبِ} والعامل فيها الاستقرار الذي تضمنه الظرف لوقوعه خبرا، وقال أبو البقاء: أو نفس الظرف، إن رفعت به {مَفاتِحُ} أي: إن رفعته به فاعلا، وذلك على رأي الأخفش. انتهى.
جمل. أقول: وهذا يشكل بوقوع الحال من المبتدأ، والحال هيئة فاعل، أو مفعول، كما هو