السّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ هذا؛ وتقول: أزف فلان؛ أي: قرب، قال النابغة الذبياني (وهو الشاهد رقم [٣١٥] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»): [الكامل]
أزف الترحّل غير أنّ ركابنا... لمّا تزل برحالنا، وكأن قد
وكان بعضهم يتمثل، ويقول معترفا بتقصيره بطاعة الله تعالى:[الكامل]
أزف الرّحيل، وليس لي من زاد... غير الذّنوب لشقوتي ونكادي
{إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ:} وقت تكون القلوب عند الحناجر من شدة الخوف، فإنها ترتفع عن أماكنها، فتلتصق بحلوقهم، فلا تعود، فيستريحوا بالنفس، ولا تخرج، فيستريحوا بالموت، كما قال تعالى في سورة (إبراهيم) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:{مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ،} وقال تعالى في سورة (الأحزاب) رقم [١٠] مبينا حالة المؤمنين حينما دوهمت المدينة من جميع جهاتها: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ}. انظر شرحها هناك؛ تجد ما يسرك. وانظر شرح (القلب) في الآية رقم [٤] منها أيضا.
{كاظِمِينَ:} ساكتين، مهمومين، محزونين، ممتلئين غمّا، وحسرة شأن المكروب. ومعنى الآية: أن القلوب تصعد من الصدور لشدة الخوف؛ حتى تبلغ الحناجر، ويحتمل أن يكون ذلك حقيقة، أو مجازا عبر به عن شدة الخوف يوم القيامة، بل هو استعارة تمثيلية لتجسيد الهول في ذلك اليوم العظيم شأنه، الطويل زمانه. هذا؛ وجمع كاظمين جمع المذكر السالم؛ لأنه من صفات العقلاء مثل: عالمين، وكاتبين.
{ما لِلظّالِمِينَ} أي: الكافرين الظالمين أنفسهم بالكفر ومخالفة الله تعالى، وانظر التعبير عن الكافرين بالمجرمين، ونحوه في الآية رقم [٥٩] من سورة (يس). {مِنْ حَمِيمٍ:} من صديق، أو قريب مشفق. {وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ:} أي: تقبل شفاعته فيهم. وانظر (الشفاعة) في الآية رقم [٤٤] من سورة (الزمر). هذا؛ وانظر شرح (لدى) في الآية رقم [٣٢] من سورة (الروم).
الإعراب:{وَأَنْذِرْهُمْ:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. (أنذرهم): فعل أمر، وفاعله مستتر فيه تقديره:«أنت»، والهاء مفعول به أول. {يَوْمَ:} مفعول به ثان، وهو مضاف، و {الْآزِفَةِ} مضاف إليه. {إِذِ} أصل استعماله للماضي، ولكن جاء هنا للمستقبل، فهو مبني على السكون في محل نصب بدلا من:{يَوْمَ الْآزِفَةِ}. {الْقُلُوبُ:} مبتدأ. {لَدَى:} ظرف مكان منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. و {لَدَى} مضاف، و {الْحَناجِرِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية في محل جر بإضافة {إِذِ} إليها.
{كاظِمِينَ:} حال من القلوب منصوب... إلخ، أو من أصحاب القلوب، وهو أولى، والجملة الفعلية:{وَأَنْذِرْهُمْ..}. إلخ لا محل لها على الوجهين المعتبرين في الواو. {ما:} نافية.