للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخشوعها، ومن لم يؤدّها على الوجه الأكمل، يقال عنه: صلى، ولا يقال: أقام الصلاة. هذا؛ والصّلاة في اللّغة: الدعاء، والتّضرّع، وهي في الشرع: أقوال وأفعال مخصوصة، مبتدأة بالتكبير، مختتمة بالتّسليم، ولها شروط، وأركان، ومبطلات، ومكروهات، ومندوبات مذكورة في الفقه الإسلامي. والصّلاة من العبد معناها: التّضرّع، والدّعاء، ومن الملائكة على العبد معناها: الاستغفار، وطلب الرّحمة له، ومن الله على عباده معناها: الرحمة، وإنزال البركات، وقد جمعت الأنواع الثلاثة في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} الآية رقم [٥٦] من سورة (الأحزاب)، وانظر الآية رقم [١٥٣] الآتية.

{وَآتُوا الزَّكاةَ:} أمر يقتضي الوجوب أيضا، والإيتاء: الإعطاء. يقال: آتيته: أعطيته، قال الله تعالى حكاية عن قول المنافق في سورة (التوبة) رقم [٧٥]: {لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} وأتيته بالقصر من غير مدّ: جئته، فإذا كان المجيء بمعنى الاستقبال مدّ، ومنه الحديث: ولآتين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلأخبرنه هذا. وأصل (آتوا): «آتيوا» فاستثقلت الضمة على الياء، فحذفت، فالتقى ساكنان: الياء والواو، فحذفت الياء لعلة الالتقاء، فصار: (آتوا) ثم قلبت الكسرة ضمة لمناسبة الواو. هذا والزكاة في اللغة: التّطهير، والإصلاح، والنّماء، والمدح. يقال: زكا الزرع، والمال، يزكو: إذا كثر، وزاد، وسمّي الإخراج من المال: زكاة، وهو نقص منه من حيث ينمو بالبركة، قال تعالى في سورة (سبأ): {وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ} رقم [٣٩]، كما يقال: زكا فلان؛ أي: طهر من دنس الجرحة، والإغفال، فكأن الخارج من المال يطهره من تبعة الحق الذي جعل الله فيه للمساكين، ألا ترى: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم سمى ما يخرج من الزكاة: أوساخ الناس، وقد قال الله تعالى في سورة (التوبة) رقم [١٠٣]:

{خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها}.

والزكاة في الشرع: اسم لما يخرج عن مال، أو بدن على وجه مخصوص، وهي أحد أركان الإسلام الخمسة؛ التي بني عليها الإسلام، ومن ثم يكفر جاحدها على الإطلاق، وفي القدر المجمع عليه، ويقاتل الممتنع من أدائها، وتؤخذ منه قهرا، كما فعل الصدّيق، رضي الله عنه.

وتدفع الزكاة لأشخاص معلومين، مذكورين في الآية رقم [٦٠] من سورة (التوبة). وزكاة الفطر لا نصّ صريحا في القرآن عليها إلا ما تأوله بعض المفسرين في قوله تعالى في سورة الأعلى:

{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى} وسأتحدث عنها إن شاء الله عند الكلام على الصيام، لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرض زكاة الفطر في رمضان.

هذا وخصّ الله تبارك وتعالى الصّلاة والزّكاة بالذّكر؛ لأنّ الصلاة أفضل العبادات البدنية، وشرعت لذكر الله، والزكاة أفضل العبادات المالية، وشرعت للعطف على الفقراء، والمساكين، ومجموعهما التعظيم لأمر الله تعالى، والشّفقة على خلق الله. هذا؛ وأضيف: أنّ الزكاة قرينة

<<  <  ج: ص:  >  >>