-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه علمه».
رواه الطّبرانيّ في الصغير، والبيهقيّ. والأحاديث في ذلك كثيرة. وقد قال تعالى في سورة الجمعة رقم [٥] في حقّ علماء اليهود، وينطبق على علماء السّوء المسلمين: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً}. وخذ نبذة من شعر الشّعراء في هذا الباب؛ من ذلك قول منصور الفقيه: [مجزوء الكامل]
إنّ قوما يأمرونا... بالّذي لا يفعلونا
لمجانين وإن هم... لم يكونوا يصرعونا
وقال أبو العتاهية الصّوفي-رحمه الله تعالى-: [الطويل]
وصفت التّقى حتّى كأنك ذو تقى... وريح الخطايا من ثيابك تسطع
وقيل: من وعظ بقوله؛ ضاع كلامه، ومن وعظ بفعله؛ نفذت سهامه.
وقال أبو الأسود الدؤلي من قصيدته المشهورة، ومنها الشاهدان رقم [٣٨٦] و [٦٧٤] من كتابنا فتح القريب المجيب: [الكامل]
يا أيّها الرّجل المعلّم غيره... هلاّ لنفسك كان ذا التّعليم
تصف الدّواء لذي السّقام وذي الضّنى... كيما يصحّ به وأنت سقيم
وأراك تصلح بالرّشاد عقولنا... أبدا وأنت من الرّشاد عديم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيّها... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يسمع ما تقول ويشتفى... بالقول منك وينفع التّعليم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله... عار عليك إذا فعلت عظيم
وقال أبو عثمان الحيري الزّاهد-رحمه الله تعالى-: [الطويل]
وغير تقيّ يأمر النّاس بالتّقى... طبيب يداوي والطّبيب مريض
وقال إبراهيم النّخعيّ-رحمه الله تعالى-: إني لأكره القصص (الوعظ، والإرشاد) لثلاث آيات: قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ..}. إلخ. وقوله تعالى: في سورة (الصّف) رقم [٢]:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ}. وقوله تعالى في سورة (هود) رقم [٨٨] حكاية عن قول شعيب-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ}. وقال الجماز ابن أخت سلم بن عمرو الخاسر: [السريع]
ما أقبح التّزهيد من واعظ... يزهّد النّاس ولا يزهد