للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو كان في تزهيده صادقا... أضحى وأمسى بيته المسجد

إن رفض الدّنيا فما باله... يستمنح النّاس ويسترفد

والرّزق مقسوم على من ترى... يناله الأبيض والأسود

أما (البرّ) بكسر الباء: فهو كلمة جامعة لخصال الخير الدنيويّة، والأخرويّة، وانظر أعمال البر التي ذكرها الله تعالى في الآية رقم [١٧٦] الآتية، و «البرّ» بضم الباء: القمح، وبفتحها:

الإجلال والتعظيم، ومنه ولد بار، وبرّ؛ أي: يعظم والديه، ويكرمهما ومن أسماء الله تعالى (البرّ). هذا؛ والبرّ: الأرض الفلاة، والأرض اليابسة ما عدا البحر.

({تَنْسَوْنَ}): أصله «تنسيون» فيقال في إعلاله: تحركت الياء، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، فصار: «تنساون» ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين، فصار: (تنسون) ويقال أيضا: استثقلت الضمة على الياء، فحذفت، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين. هذا والنسيان: مصدر: نسيت الشيء، أنساه. وهو مشترك بين معنيين: أحدهما: ترك الشيء عن ذهول، وغفلة. ومنه قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «نسي آدم، فنسيت ذريّته». ومنه أيضا قوله تعالى حكاية عن قول فتى موسى-على نبينا وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}. والثاني: الترك عن تعمّد، وقصد، وهو المراد في الآية، وفي قوله تعالى في سورة (التّوبة) رقم [٦٧]: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ،} وقوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم [٤٤]، وفي سورة (الأعراف) رقم [١٦٥]: {فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ،} وقوله تعالى في الآية رقم [٢٣٧] الآتية: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}.

{وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ:} تقرءون التوراة. وفيه الوعيد الشديد، والتوبيخ العظيم على مخالفة القول العمل لعلماء اليهود، ومن فعل فعلهم كان مثلهم بلا ريب. {أَفَلا تَعْقِلُونَ:} أفلا تمنعون أنفسكم من مواقعة هذه الحال المردية لكم؟ ولا ينبغي أن ينتفي عنكم العقل، وما ينتج عنه من ثمرات. هذا؛ والعقل: المنع، ومنه عقال البعير؛ الذي تشدّ به ركبته؛ لأنه يمنع من الحركة، وقد سمّي العقل عقلا؛ لأنه يعقل صاحبه: أي: يمنعه من فعل الرذائل، لذا فإنّ كل شخص لا يسير على الجادة المستقيمة لا يكون عاقلا بالمعنى الصحيح، فقد ورد: أنه مرّ رجل معتوه على مجلس النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال الصحابة-رضوان الله عليهم-: هذا رجل مجنون، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «هذا مصاب، إنما المجنون من أصر على معصية الله». والعقل: الدّية، سميت بذلك؛ لأن الإبل المؤداة، تعقل بباب وليّ المقتول. والعقال أيضا: صدقة عام، قال الشاعر يهجو عاملا على الصّدقات: [البسيط]

سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا... فكيف لو قد سعى عمرو عقالين؟

لأصبح النّاس أوبادا ولم يجدوا... عند التّفرّق في الهيجا جمالين

هذا؛ والعقل: ثوب أحمر، تتخذه نساء العرب تغشي به الهوادج، قال علقمة: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>