للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: فقد روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة، قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: إني رأيت كأني أعشبت، ثم أجدبت، ثم أعشبت، ثم أجدبت، فقال له عمر رضي الله عنه-: أنت رجل تؤمن، ثم تكفر، ثم تؤمن، ثم تكفر، ثم تموت كافرا، فقال الرجل:

ما رأيت شيئا، فقال له: قد قضي لك ما قضي لصاحب يوسف؛ قلنا: ليست لأحد بعد عمر؛ لأن عمر كان محدّثا، وإذا تكلم به؛ وقع على ما ورد في أخباره، وهي كثيرة. انتهى.

هذا؛ والتحلم حرام قطعا، وهو يستوجب غضب الله تعالى؛ لأنه كذب على الله، فقد روى الترمذي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من تحلّم كاذبا كلّف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين، ولن يعقد بينهما». ورواه البخاري كما يلي: «من تحلّم بحلم لم يره كلّف أن يعقد بين شعيرتين، ولن يفعل». هذا؛ وانظر شرح {قُضِيَ} في الآية رقم [٤٥] من سورة (الأنفال) تجد ما يسرك. هذا؛ و (يسقي) ماضيه: سقى، تقول: سقى الله هذه البلاد الغيث، وأسقاها الغيث، فيكون بالهمز تارة، وبدونها أخرى، وشاهد المهموز: قوله تعالى:

{وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً} وشاهد غير المهموز قوله تعالى: {وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً،} يحتملهما قوله تعالى: {وَسُقُوا ماءً حَمِيماً،} وقوله: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتامُهُ مِسْكٌ} وقد ورد في قول لبيد رضي الله عنه اللغتان جميعا: [الوافر]

سقى قومي بني مجد وأسقى... نميرا والقبائل من هلال

ولكنه حذف المفعول الثاني من كليهما، وفرق الأعلم بينهما، فقال: تقول: سقيته ماء إذا ناولته إياه يشربه، وتقول: أسقيته إذا حصلت له سقيا.

الإعراب: {يا صاحِبَيِ السِّجْنِ}: انظر الآية رقم [٣٩]. {أَمّا}: أداة شرط، وتوكيد، وتفصيل، أما كونها أداة شرط؛ لأنها قائمة مقام أداة الشرط وفعله، بدليل لزوم الفاء بعدها؛ إذ الأصل مهما يكن من شيء فإن أحدكما فيسقي... إلخ، فأنيبت {أَمّا} مناب (مهما) و (يكن من شيء)، فصار: {أَمّا أَحَدُكُما،} وأما كونها أداة توكيد؛ لأنها تحقق الجواب، وتفيد أنه واقع لا محالة، لكونها علقته على أمر متيقن، وأما كونها أداة تفصيل؛ لأنها في الغالب تكون مسبوقة بكلام مجمل، وهي تفصله، ويعلم ذلك من تتبع مواقعها. {أَحَدُكُما}: مبتدأ، والكاف في محل جر بالإضافة، والميم والألف حرفان دالان على التثنية. {فَيَسْقِي}: الفاء: واقعة في جواب {أَمّا}. (يسقي): مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر يعود إلى {أَحَدُكُما}. {رَبَّهُ}: مفعول به أول، والهاء في محل جر بالإضافة. من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {خَمْراً}: مفعول به ثان، والجملة الفعلية (يسقي...) إلخ في محل رفع خبر المبتدأ. {وَأَمَّا الْآخَرُ}: مبتدأ. {فَيُصْلَبُ}: الفاء: واقعة في جواب (أما).

(يصلب): مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى {الْآخَرُ،} والجملة الفعلية في محل

<<  <  ج: ص:  >  >>