للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مددت يمينا للنّبيّ تعمّدا... ودمّيت فاه قطّعت بالبوارق

وهو على هذا من الرّباعي، كما في الآية الّتي بين أيدينا. وهو من الثلاثي: خزي، يخزى، خزاية، بمعنى: استحيا، وخجل. قال نهشل بن حريّ الدّارميّ من قصيدة يرثي بها أخاه مالكا، وكان قد قتل مع الإمام علي-رضي الله عنه-بصفّين: [الطويل]

أخ ماجد لم يخزني يوم مشهد... كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه

وهذا هو الشاهد رقم [٣٢٤]: من كتابنا المذكور، وقال ذو الرمة: [البسيط]

خزاية أدركته بعد جولته... من جانب الحبل مخلوطا بها الغضب

ويفهم من الآية الكريمة: أنّ العذاب الرّوحاني أفظع من العذاب الجسماني؛ لأنّ الإخزاء هو الذلّ، كما رأيت، ولا يكون إلا من مؤثّرات الرّوح، لا البدن. {وَما لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ:}

من شفعاء، وأعوان، والظالمون: هم الذين ظلموا أنفسهم بالشّرك، أو بارتكاب الكبائر، وماتوا قبل أن يتوبوا. وقد وضع المظهر موضع المضمر؛ للدّلالة على أنّ ظلمهم تسبب لإدخالهم النار، وانقطاع النّصرة عنهم في الخلاص. والأحاديث الشّريفة تثبت وقوعها لهم. {وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.

الإعراب: {رَبَّنا:} انظر الآية السابقة. {إِنَّكَ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها.

{مَنْ:} اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، أو في محل نصب مفعول به مقدّم، وعلى الأوّل؛ فالمفعول الأول لفعل الشرط محذوف، التقدير: تدخله. {تُدْخِلِ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل مستتر تقديره: أنت. {النّارَ:} يقال في هذا ما رأيته في مفعول:

{تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} في الآية رقم [١٤٢]. {فَقَدْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَخْزَيْتَهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محلّ لها؛ لأنها لم تحلّ محلّ المفرد. هذا؛ وخبر المبتدأ الذي هو: {مَنْ} مختلف فيه كما ذكرته لك مرارا، و {مَنْ} ومدخولها على الوجهين المعتبرين فيها في محل رفع خبر: (إنّ) والكلام كلّه في محل نصب مقول القول لقول محذوف واقع حالا، كما رأيت في الآية السابقة، وهو أولى من اعتباره كلاما مستأنفا.

{وَما:} حرف استئناف. ({ما}): نافية. {لِلظّالِمِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم. {مَنْ:} حرف جر صلة. {أَنْصارٍ:} مبتدأ مؤخّر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدّرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. هذا؛ وهناك من يجيز اعتبار أنصار فاعلا بالجار والمجرور قبله، لاعتماده على النّفي، ولم يذكر المتعلّق، فهما متعلقان بفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>