للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى، وينفي أن يكون من البحر كما يقول الدهريون والعصريون في هذا الزمن، وفي {الْوَدْقَ} قولان: أحدهما: أنه البرق، قاله الأشهب العقيلي، ومنه قول الشاعر: [الوافر] أثرن عجاجة وخرجن منها... خروج الودق من خلل السّحاب

الثاني: أنه المطر، قاله الجمهور، قال امرؤ القيس: [الطويل] فدمعهما ودق وسحّ وديمة... وسكب وتوكاف وتنهملان

وقال عامر بن جوين الطائي: [المتقارب] فلا مزنة ودقت ودقها... ولا أرض أبقل إبقالها

{فَإِذا أَصابَ بِهِ} أي: بالمطر. {مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ} يعني: بلادهم، وأراضيهم، وزروعهم. {إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ:} بنزول المطر، فيفرحون، ويؤملون الخصب بسببه.

{اللهُ:} علم على الذات الواجب الوجود، المستحق لجميع المحامد، وهو اسم الله الأعظم؛ الذي إذا دعي به؛ أجاب، وإذا سئل به؛ أعطى، وإنما تخلفت الإجابة في بعض الأحيان عند الدعاء به؛ لتخلف شروط الإجابة؛ التي أعظمها أكل الحلال. ولم يسم به أحد سواه، قال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} أي: هل أحد تسمى الله غير الله؟ وقد ذكر في القرآن الكريم في ألفين وثلاثمائة وستين موضعا.

«ترى» ماضيه: رأى، وقياس المضارع ترأي، وقد تركت العرب الهمز في مضارعه لكثرته في كلامهم، وربما احتاجت إلى همزه، فهمزته كما في قول سراقة بن مرداس البارقي، وهو الشاهد رقم [٥٠٤] من كتابنا فتح القريب المجيب: [الوافر] أري عينيّ ما لم ترأياه... كلانا عالم بالتّرّهات

وربما جاء ماضيه بغير همز، وبه قرأ نافع في {أَرَأَيْتَكُمْ} و {إِذا رَأَيْتَ:} «(أرأيتكم)» «(أرأيت)» بدون همز وقال الشاعر: [الخفيف] صاح هل ريت أو سمعت براع... ردّ في الضّرع ما قرى في الحلاب؟

وإذا أمرت منه على الأصل قلت: ارء، وعلى الحذف: ره بهاء السكت، وقل في إعلال ترى: أصله: ترأي قلبت الياء ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، وحذفت الهمزة بعد إلقاء حركتها على الراء للتخفيف.

{أَصابَ:} يحتمل معاني كثيرة، تقول: أصاب السهم، يصيب: لم يخطئ هدفه، وأصاب الرجل في قوله، أو في رأيه: أتى بالصواب، وأصاب فلانا البلاء، يصيبه: وقع عليه، وأصابهم المطر في هذه الآية: نزل عليهم. هذا؛ وأصاب: قصد، وأراد، قال تعالى في سورة (ص)

<<  <  ج: ص:  >  >>