إلى عمر، فأتيا عمر-رضي الله عنه-، فقال اليهودي: اختصمت أنا وهذا إلى محمد، فقضى لي عليه، فلم يرض بقضائه، وزعم أنه مخاصمي إليك، فقال عمر-رضي الله عنه-للمنافق:
أكذلك؟ قال: نعم، فقال لهما: رويدا حتى أخرج إليكما، فدخل البيت، وأخذ السيف، ثم خرج، فضرب به عنق المنافق حتى برد-أي: مات-وقال: هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء الله، وقضاء رسوله، فنزلت الآيات، وآية النساء رقم [٦٠] وقال جبريل عليه السّلام: (إنّ عمر فرّق بين الحقّ والباطل) فسمي الفاروق-رضي الله عنه-حينئذ.
الشرح:{وَيَقُولُونَ} أي: المنافقون، وإنما جمع الضمير، والمراد به هنا واحد فقط؛ لأن كل المنافقين على طريقته في المكر، والخبث، والكفر، وبمقالته يقولون، وأضمر قبل الذكر لعلمهم من المقام، ولدلالة الكلام عليهم. {آمَنّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا} أي: يقولون ذلك بألسنتهم من غير اعتقاد بقلوبهم. {ثُمَّ يَتَوَلّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ} أي: يعرض عن الإيمان بالله ورسوله، وعن الانقياد لحكمهما وطاعتهما. {مِنْ بَعْدِ ذلِكَ} أي: من بعد قولهم: آمنا بالله وبالرسول وأطعنا، ويدعون إلى غير حكم الله. {وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} أي: الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويدعون إلى حكم الطاغوت، ليسوا بالمؤمنين الحقيقيين؛ لأن المؤمنين المخلصين يقولون: سمعنا، وأطعنا، ويرضون بحكم الله وحكم رسوله. وفيه إعلام من الله بأن جميع المنافقين منتف عنهم الإيمان لا عتقادهم ما يعتقد هؤلاء، والإعراض؛ وإن كان من بعضهم؛ فالرضا بالإعراض من كلهم جعلهم جميعا في حكم واحد.
معطوفان على ما قبلهما. (أطعنا): فعل، وفاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها. {ثُمَّ:} حرف عطف. {يَتَوَلّى:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر. {فَرِيقٌ:} فاعله. {مِنْهُمْ:} متعلقان بمحذوف صفة {فَرِيقٌ}. {مِنْ بَعْدِ:} متعلقان بالفعل {يَتَوَلّى،} و {بَعْدِ} مضاف، و {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له، وجملة {وَيَقُولُونَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، وجملة:{يَتَوَلّى..}. إلخ معطوفة عليها لا محل لها مثلها. {وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية حجازية تعمل عمل «ليس».
{أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع اسم (ما)، والكاف حرف خطاب لا محل له. {بِالْمُؤْمِنِينَ:} الباء: حرف جر صلة. (المؤمنين): خبر (ما) مجرور لفظا، منصوب محلا، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، وإن اعتبرتها حالا من واو الجماعة؛ فلست مفندا، ويكون الرابط: الواو، واسم الإشارة العائد إلى الواو.