للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لسنا وإن أحسابنا كرمت... يوما على الأحساب نتّكل

و «أو» عند البصريين على بابها، وليست للشك؛ لكنها على ما تستعمله العرب في مثل هذا إذا لم يرد المخبر أن يبين، وهو عالم بالمعنى. وقال أبو عبيدة، والفراء: هي بمعنى الواو، وتقديره: وإنا على هدى، وأنتم في ضلال مبين. انظر شواهد: «أو» في كتابنا فتح القريب المجيب تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

تنبيه: خولف بين حرفي الجر الداخلين على الهدى، والضلال؛ لأن صاحب الهدى متمكن منه، كأنه مستعل على فرس جواد، يركضه حيث شاء، والضال متخبط، كأنه ينغمس في ظلام لا يعرف أين توجه، ولا يهتدي إلى طريق السلامة. وفي الكلام استعارة تصريحية واضحة غير خافية. ومن هذه المشكاة قول حسان-رضي الله عنه-يخاطب أبا سفيان قبل إسلامه: [الوافر] أتهجوه ولست له بكفء... فشرّكما لخيركما الفداء

ولذلك لما سمعه الناس؛ قالوا: هذا أنصف بيت قالته العرب.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {مَنْ:} اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَرْزُقُكُمْ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى: {مَنْ،} تقديره:

«هو»، والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {مِنَ السَّماواتِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {وَالْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله. {قُلْ:}

فعل أمر، وفاعله مستتر، تقديره: «أنت». {اللهُ:} مبتدأ، وخبره محذوف، التقدير: الله يرزقكم. أو التقدير: قل: الله الخالق الرازق للعباد. والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة (قل الله يرزقكم). مستأنفة، لا محل لها، وهي في المعنى والتقدير في محل جزم جواب الشرط، انظر الشرح. {وَإِنّا:} الواو: واو الحال. (إنا): حرف مشبه بالفعل، و (نا):

اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {أَوْ:} حرف عطف. {إِيّاكُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب معطوف على اسم (إنّ). {لَعَلى:} اللام: هي المزحلقة. (على هدى): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر: {إِيّاكُمْ،} وخبر الأول محذوف لدلالة الثاني عليه، وهذا اختيار المبرد، وسيبويه يرى: أن {لَعَلى هُدىً} خبر للأول، وخبر الثاني محذوف، لدلالة الأول عليه. {أَوْ:} حرف عطف. {فِي ضَلالٍ:} جار ومجرور معطوفان على ما قبلهما. {مُبِينٍ:} صفة {ضَلالٍ}.

قال أبو البقاء-رحمه الله تعالى-: والكلام على المعنى غير الإعراب؛ لأن المعنى: إنا على هدى من غير شك، وأنتم على ضلال من غير شك، ولكن خلطه في اللفظ على عادتهم في نظائره، كقولهم: أخزى الله الكاذب مني، ومنك!

<<  <  ج: ص:  >  >>