للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى حكاية عن قول قوم طالوت: {وَما لَنا أَلاّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا}. الآية رقم [٢٤٦]، من سورة (البقرة)، وقال بعضهم: من أمارات العاقل بره لإخوانه، وحنينه لأوطانه، ومداراته لأهل زمانه. والشعر العربي طافح بالحنين إلى الأوطان، أكتفي بقول أبي تمام: [الكامل] نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى... ما الحبّ إلا للحبيب الأوّل

كم منزل في الأرض يألفه الفتى... وحنينه أبدا لأوّل منزل

{قُلْ:} خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والمعنى: قل يا محمد للمشركين: {رَبِّي أَعْلَمُ..}. إلخ: فإن الله لما وعد النبي صلّى الله عليه وسلّم الردّ إلى معاد، قال له: قل للمشركين: {رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى:} وما يستحقه من الثواب، والتأييد، والنصر على الأعداء، {وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ:} وما يستحقه من الإذلال والإهانة في الدنيا، والعذاب الشديد في العقبى. هذا؛ وفي ختم السورة بهذه الآية بشارة للنبي صلّى الله عليه وسلّم، برده إلى مكة فاتحا منتصرا مظفرا في وقت كان فيه خائفا من لحاق قريش؛ وهو في طريق هجرته إلى المدينة المنورة.

تنبيه: هذه الآية اتخذها عبد الله بن سبأ اليهودي الخبيث ذريعة في تفرقة المسلمين وجعلهم شيعا، فإنه انتحل الإسلام، وجعل يطوف في البلاد الإسلامية في عهد عثمان بن عفان-رضي الله عنه-ويقول: إن محمدا يعود إلى الدنيا قبل يوم القيامة كما يرجع عيسى إلى الدنيا، ومحمد أحق بالرجعة منه، شأنه في ذلك شأن بولص اليهودي الذي انتحل النصرانية، وجعلهم شيعا، وقد سار أبناء الخبيث سيرته بعد موته حتى ألّهوا علي بن أبي طالب-رضي الله عنه وكرم الله وجهه-وتم لهم ما أرادوا من جعل المسلمين شيعا، وفرقا، وهناك من يقدّسه ويعظمه.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل، {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم {إِنَّ}. {فَرَضَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {الَّذِي،} وهو العائد.

{عَلَيْكَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {الْقُرْآنَ:} مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {لَرادُّكَ:} اللام: هي المزحلقة. (رادك): خبر {إِنَّ،} والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، {إِلى مَعادٍ:} جار ومجرور متعلقان ب‍ (رادك)، والجملة الاسمية: {إِنَّ الَّذِي..}. إلخ ابتدائية، أو مستأنفة، لا محل لها. {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت»، {رَبِّي:} مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {أَعْلَمُ:} خبر المبتدأ. {مَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون

<<  <  ج: ص:  >  >>