للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً}. هذا؛ وزاد، يزيد ضد: نقص، ينقص، يكون لازما، كقولك: زاد المال درهما، ويكون متعديا لمفعولين، كما في الآية الكريمة، وقولك: زاد الله خالدا خيرا، بمعنى: جزاه الله خيرا، وأما قولك: زاد المال درهما، والبر مدا؛ فدرهما ومدا تمييز. ومثله قل في: نقص، فمن المتعدي لمفعولين قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً}.

هذا؛ والذوق يكون محسوسا، ومعنى، وقد يوضع موضع الابتلاء والاختبار، تقول: اركب هذا الفرس فذقه؛ أي: اختبره، وانظر فلانا؛ فذق ما عنده. قال الشماخ يصف قوسا: [الطويل]

فذاق فأعطته من اللّين جانبا... كفى ولها أن يغرق السّهم حاجز

وقد يعبر بالذوق عما يطرأ على النفس، وإن لم يكن مطعوما؛ لإحساسها به كإحساسها بذوق المطعوم. قال عمر بن أبي ربيعة المخزومي: [الطويل]

فذق هجرها إن كنت تزعم أنّها... فساد ألا يا ربّما كذب الزّعم

وتقول: ذقت ما عند فلان؛ أي: خبرته، وذقت القوس: إذا جذبت وترها؛ لتنظر ما شدتها؟ وأذاقه الله وبال أمره؛ أي: عقوبة كفره، ومعاصيه. قال طفيل بن سعد الغنوي: [الطويل]

فذوقوا كما ذقنا غداة محجّر... من الغيظ في أكبادنا والتّحوّب

وتذوقته؛ أي: ذقته شيئا، فشيئا، وأمر مستذاق؛ أي: مجرب معلوم. قال الشاعر: [الوافر]

وعهد الغانيات كعهد قين... ونت عند الجعائل مستذاق

وأصله: الذوق في الفم، و {فَذُوقُوا} في كثير من الآيات للإهانة. وفيه استعارة تبعية تخييلية. وذكر العذاب في كثير من الآيات استعارة مكنية؛ حيث شبه العذاب بشيء يدرك بحاسة الأكل، وشبه الذوق بصورة ما يذاق، وأثبت للذوق تخييلا.

الإعراب: {إِنَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {كانُوا:} فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {لا:} نافية. {يَرْجُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله. {حِساباً:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية تعليل للعذاب المذكور. {وَكَذَّبُوا:} الواو: حرف عطف. (كذبوا): فعل ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {بِآياتِنا:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، و (نا): في محل جر بالإضافة.

{كِذّاباً:} مفعول مطلق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها.

{وَكُلَّ:} الواو: حرف عطف. (كل): مفعول به لفعل محذوف يفسره المذكور بعده، وهو ما يسمى بالنصب على الاشتغال، والآية مثل قوله تعالى في سورة (الإسراء) رقم [١٢]: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً} {وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}. هذا؛ وقرئ برفع (كل) على أنه مبتدأ، و (كل) مضاف، و {شَيْءٍ} مضاف إليه. {أَحْصَيْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة مفسرة

<<  <  ج: ص:  >  >>