أرض مصر حين استقبلهم، والمراد بالدخول الثاني دخول قصره الذي يسكنه، وقيل بالعكس، فيكون في الكلام تقديم وتأخير، ويكون الاستثناء بالمشيئة مقارنا لدخولهم أرض مصر، وهو الذي يقتضيه المقام، و {آمِنِينَ} أي: من المكاره، والمظالم، وقيل: إن الناس كانوا يخافون من ملوك مصر، فلا يدخلها أحد إلا بجوارهم، فقال لهم يوسف:{اُدْخُلُوا مِصْرَ..}. إلخ.
تنبيه: خرج يوسف لاستقبال أبيه بعسكره وحشمه وأبهته، وكان يعقوب يمشي، وهو يتوكأ على يد ابنه يهوذا، فلمّا نظر إلى الخيل والناس؛ قال: يا يهودا هذا فرعون مصر، قال: لا بل هذا ابنك يوسف، فلما دنا كل واحد من صاحبه أراد يوسف أن يبدأ يعقوب بالسلام، فقال له جبريل: خل يعقوب يبدأ بالسلام، فقال يعقوب: السّلام عليك يا مذهب الأحزان! وقيل: إنهما نزلا، وتعانقا، وفعلا كما يفعل الوالد بولده، والولد بوالده، وبكيا، وقيل: إن يوسف قال لأبيه: يا أبت بكيت عليّ حتى ذهب بصرك، ألم تعلم أن القيامة تجمعنا؟ قال: بلى، ولكن خشيت أن يسلب دينك، فيحال بيني وبينك.
الإعراب:{فَلَمّا}: الفاء: حرف استئناف. (لما): انظر الآية رقم [٩٤] وجملة: {دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ} في محل جر بإضافة (لمّا) إليها على اعتبارها ظرفا، وهي ابتدائية لا محل لها على اعتبارها حرفا. {آوى}: ماض، وفاعله يعود إلى {يُوسُفَ}. {إِلَيْهِ}: متعلقان بما قبلهما.
{أَبَوَيْهِ}: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه مثنى صورة، وحذفت النون للإضافة، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة:{آوى..}. إلخ جواب (لمّا) لا محل لها، و (لمّا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. (قال): ماض، والفاعل يعود إلى (يوسف).
{اُدْخُلُوا}: أمر، وفاعله، والألف للتفريق، وانظر تفصيل الإعراب في الآية رقم [٦٧]{مِصْرَ}: ظرف مكان متعلق بما قبله عند بعض النحاة، وفي مقدمتهم سيبويه، والمحققون وعلى رأسهم الأخفش ينصبونه على التوسع في الكلام بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب انتصاب المفعول به على السعة، بإجراء اللازم مجرى المتعدي، ومثل ذلك قل في (دخلت المدينة، ونزلت البلد، وسكنت الشام).
{إِنْ}: حرف شرط جازم. {شاءَ}: ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط.
{اللهُ}: فاعله، وهذا الشرط لا جواب له، فيما أرى؛ لأن المعنى بمشيئة الله، وقد اختلف في هذه المشيئة، فقيل: هي من متعلق قول يعقوب {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ،} وقيل: هي من متعلق الدخول، وقيل: هي من متعلق {آمِنِينَ} وعليه وعلى الأول في الكلام تقديم وتأخير، واعتراض بين متلازمين. {آمِنِينَ}: حال من واو الجماعة منصوب؛ وعلامة نصبه الياء... إلخ وجملة المشيئة معترضة بين الحال وصاحبها، فهي للتبرك، وليست للتعليق، وجملة:{اُدْخُلُوا..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة:(قال...) إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها.