للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كنت قد أزمعت بالصّرم بيننا... فقد جعلت أشراط أوّله تبدو

ولما كان قيام الساعة أمرا مستبطأ في النفوس، وقد قال الله تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} فكأن قائلا قال: متى يكون قيام الساعة؟ فقال تعالى: {فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها} ومن أشراط الساعة: انشقاق القمر، وبعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، كما رأيت في الاية رقم [١٧] من سورة (الشورى) وخذ ما يلي:

فعن أنس-رضي الله عنه-قال عند قرب وفاته: ألا أحدثكم حديثا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لا يحدثكم به أحد غيري، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا تقوم السّاعة، أو قال: من أشراط السّاعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويشرب الخمر، ويفشو الزنى، ويذهب الرجال، ويبقى النساء حتّى يكون لخمسين امرأة قيّم». متفق عليه. وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ من أشراط السّاعة أن يتقارب الزمان، وينقص العلم، وتظهر الفتن، ويبقى الشحّ، ويكثر الهرج». قالوا: وما الهرج؟ قال: «القتل». متفق عليه.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مجلس يحدّث القوم؛ إذ جاءه أعرابي، فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حديثه، فقال بعض القوم: سمع ما قال، فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه؛ قال: «أين السائل عن السّاعة؟». قال:

ها أنذا يا رسول الله قال: «إذا ضيّعت الأمانة؛ فانتظر السّاعة». قال: وكيف إضاعتها؟ قال: «إذا وسّد الأمر إلى غير أهله؛ فانتظر السّاعة». رواه البخاري. هذا؛ ويروى عن الكلبي: أنه قال: كثرة المال، والتجارة، وشهادة الزور، وقطع الأرحام، وقلة الكرام، وكثرة اللئام.

{فَأَنّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ} يعني: فمن أين لهم التذكر، والاتعاظ، والتوبة إذا جاءتهم الساعة بغتة؟! وقيل: معناه كيف يكون حالهم إذا جاءتهم الساعة بغتة؟! فلا تنفعهم الذكرى، ولا تقبل منهم التوبة، ولا يعتدّ بالإيمان في ذلك الوقت. انتهى. خازن، ومثل هذه الاية قوله تعالى في سورة (الفجر): {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنّى لَهُ الذِّكْرى}. هذا؛ وقرئ: «(إن)» بكسر الهمزة أيضا على اعتبارها شرطية، وعليه فالوقف على (الساعة) تام. وانظر الإعراب. والله الموفق للحق، والصواب.

الإعراب: {فَهَلْ:} الفاء: حرف استئناف. (هل): حرف استفهام بمعنى النفي. {يَنْظُرُونَ:}

فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله. {إِلاَّ:} حرف حصر. {السّاعَةَ:} مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة لا محلّ لها. {أَنْ:} حرف مصدري، ونصب. {تَأْتِيَهُمْ:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن»، والهاء مفعول به، والفاعل يعود إلى: {السّاعَةَ،} و {أَنْ} والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل نصب بدل اشتمال من: {السّاعَةَ}. {بَغْتَةً:} حال بمعنى: باغتة، أو هو مفعول مطلق، وانظر تفصيل ذلك في الاية رقم [٦٦] من سورة (الزخرف). هذا؛ وعلى اعتبار

<<  <  ج: ص:  >  >>