انتهى. قرطبي. هذا؛ وجاء في التسهيل: بين الله تعالى في الآية: أنّ كلامه لعباده على ثلاثة أوجه: أحدها: الوحي بطريق الإلهام، أو المنام. والآخر أن يسمعه كلامه من وراء حجاب.
والثالث: الوحي بواسطة الملك. وهذا خاص بالأنبياء، والثاني خاص بموسى، وبمحمد؛ إذ كلّمه الله ليلة الإسراء. وأمّا الأول فيكون للأنبياء، والأولياء. وقال الصاوي: وقد يقع الإلهام لغير الأنبياء، كالأولياء، غير أنّ إلهام الأولياء قد يختلط به الشيطان؛ لأنّهم غير معصومين، بخلاف الأنبياء، فإلهامهم محفوظ منه. انتهى. صفوة التفاسير. {إِنَّهُ عَلِيٌّ} أي: متعال عن صفات المخلوقين. {حَكِيمٌ:} يفعل ما تقتضيه حكمته، فيكلم تارة بواسطة، وتارة بغير واسطة، إما عيانا، أو من وراء حجاب.
الإعراب:{وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {كانَ:} قال ابن هشام في المغني: تحتمل الأوجه الثلاثة؛ أي: النقصان، والتمام، والزيادة، فعلى اعتبارها ناقصة: الخبر إما: {لِبَشَرٍ،} و {وَحْياً} استثناء مفرغ من الأحوال، فمعناه: موحيا، أو موحى، أو {مِنْ وَراءِ حِجابٍ} بتقدير: أو موصّلا ذلك من وراء حجاب، أو {أَوْ يُرْسِلَ} بتقدير: أو إرسالا، أي: أو ذا إرسال. وإما {وَحْياً} والتفريغ في الأخبار؛ أي: ما كان تكليمهم إلاّ إيحاء، أو إيصالا من وراء حجاب، أو إرسالا. وجعل ذلك تكليما على حذف مضاف، و {لِبَشَرٍ} على هذا تبيين.
وعلى التمام والزيادة فالتفريغ في الأحوال المقدرة في الضمير المستتر في لبشر. انتهى. مغني.
ومثل هذا يقال في آية غافر رقم [٧٨]: {وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ} وفي آية (الأحزاب) رقم [٣٦]: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ..}. إلخ.
{لِبَشَرٍ:} متعلقان بمحذوف خبر: {كانَ} مقدم على نقصانها، ومتعلقان بها على تمامها، ومتعلقان بمحذوف خبر مقدم للمبتدأ المؤخر على زيادتها، والمصدر المؤول من:{أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ} اسم {كانَ} أو هو فاعلها، أو هو مبتدأ مؤخر. {إِلاّ:} حرف حصر. {وَحْياً:} مفعول مطلق لفعل محذوف، التقدير: إلا أن يوحي وحيا، والفعل المقدر مع:{كانَ} في تأويل مصدر في محل نصب حال، وهذا يعود إلى قول مكي، والزمخشري: وحيا مصدر في موضع الحال، وقال أبو البقاء: استثناء منقطع؛ لأنّ الوحي ليس بتكليم. {أَوْ:} حرف عطف. {مِنْ وَراءِ:}
متعلقان بمحذوف معطوف على المقدر العامل في {وَحْياً،} أي: أو إلاّ أن يكلمه من وراء حجاب، وقال الزمخشري:{أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ} ظرف واقع موقع الحال أيضا كقوله تعالى:
{وَعَلى جُنُوبِهِمْ} والتقدير: وما صحّ أن يكلّم أحدا إلاّ موحيا، أو مسمعا من وراء حجاب، أو مرسلا، و {وَراءِ:} مضاف، و {حِجابٍ:} مضاف إليه. {أَوْ:} حرف عطف. {يُرْسِلَ:} فعل مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة جوازا بعد الواو المسبوقة باسم خالص من التقدير بالفعل، والفاعل يعود إلى الله. {رَسُولاً:} مفعول به، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر