وخير، وحبّ يستعملن بصيغة واحدة للمذكر والمؤنث، والمفرد والمثنى والجمع؛ لأنهنّ بمعنى «أفعل» كما رأيت. {فَتابَ عَلَيْكُمْ} قبل توبتكم، قال الزمخشري، وتبعه البيضاوي، والنّسفي: الفاء الأولى للتّسبيب؛ لأنّ الظلم سبب التوبة، والثانية للتعقيب، لأن المعنى فاعزموا على التوبة، فاقتلوا أنفسكم؛ إذ إنّ الله تعالى جعل توبتهم قتل أنفسهم، والثالثة متعلقة بشرط محذوف. كأنه قال: فإن فعلتم القتل؛ فقد تاب الله عليكم. {إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ} انظر الآية رقم [٣٧].
الإعراب:({إِذْ}): معطوفة على مثلها في الآيات السابقة. {قالَ مُوسى:} ماض، وفاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة ({إِذْ}) إليها. {لِقَوْمِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. ({يا}): أداة نداء تنوب مناب: «أدعو». ({قَوْمِ}): منادى منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف، والياء المحذوفة في محل جر بالإضافة، وحذف الياء هذه إنما هو بالنداء خاصّة؛ لأنه لا لبس فيه، ومنهم من يثبت الياء الساكنة، فيقول:(يا قومي) ومنهم من يثبتها ويحركها بالفتحة. فيقول:(يا قومي) ومنهم من يقلبها ألفا بعد فتح ما قبلها، فيقول:(يا قوما)، ومنهم من يحذف الياء بعد قلبها ألفا، وإبقاء الفتحة على الميم دليلا عليها فيقول:(يا قوم)، قال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته:[الرجز]
واجعل منادى صحّ إن يضف ل «يا» ... كعبد عبدي عبد عبدا عبديا
ويزاد سادسة وهي لغة القطع:(يا قوم) بضم الميم، ففي الحديث الشريف، يقول:(يا ربّ، يا ربّ). وقرئ في سورة (يوسف) الآية رقم [٣٣]: («قال ربّ السّجن أحبّ إليّ»). والجملة الندائية في محل نصب مقول القول. {إِنَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمه. {ظَلَمْتُمْ:} فعل وفاعل. {أَنْفُسَكُمْ:} مفعول به، والكاف في محل جر بالإضافة. {بِاتِّخاذِكُمُ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لفاعله. {الْعِجْلَ:} مفعول به أول للمصدر، والمفعول الثاني محذوف؛ إذ التقدير: باتخاذكم العجل إلها، وجملة:{ظَلَمْتُمْ..}.
إلخ: في محل رفع خبر (إنّ) وجملة: {إِنَّكُمْ..}. إلخ: في محل نصب مقول القول.
{فَتُوبُوا:} الفاء: حرف عطف على قول من يجيز عطف الإنشاء على الخبر، وابن هشام يعتبرها في مثل ذلك للسّببية المحضة، وأراها الفاء الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر، التّقدير: وإذا كان ذلك قد حصل منكم؛ {فَتُوبُوا..}. (توبوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:{ظَلَمْتُمْ} على الوجهين الأولين المعتبرين في الفاء، ولا محل لها على اعتبار الفاء الفصيحة، وعليه فالجملة الشرطية معطوفة برمّتها. {إِلى بارِئِكُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله أو من إضافة الصّفة المشبهة، وفاعله مستتر فيه. {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ:}
هذه الجملة معطوفة على ما قبلها على جميع الوجوه المعتبرة فيها، وإعرابها لا خفاء فيه.