قال الخازن-رحمه الله تعالى-: ووجه الجمع بين هذه الأقاويل في اختلاف أجناس هذه الطير: أنها كانت فيها هذه الصفات كلها، فبعضها على ما حكاه ابن عباس، وبعضها على ما حكاه غيره، فأخبر كل واحد بما بلغه من صفاتها. والله أعلم. انتهى.
هذا؛ والطير: اسم جمع مثل: غنم، وخيل. وقيل: بل هو جمع طائر، مثل: صحب، وصاحب. ويصح إطلاقه على المفرد، والمثنى، والجمع، وجمع الطير: طيور، وأطيار، مثل:
فرخ، وفروخ، وأفراخ. وقال قطرب، وأبو عبيدة: الطير قد يقع أيضا على الواحد، كما في قوله تعالى: {فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ} الآية رقم [٤٩] من سورة (آل عمران). وطائر الإنسان: عمله الذي قلده. قال تعالى في سورة (الإسراء): {وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} والطير أيضا: الاسم من التطير، ومنه قولهم: (لا طير إلاّ طير الله، كما يقال: لا أمر إلاّ أمر الله). انتهى. مختار بتصرف.
{أَبابِيلَ:} متتابعة بعضها في إثر بعض. قاله ابن عباس، ومجاهد. وقيل: مختلفة متفرقة تجيء من كل ناحية، من هاهنا وهاهنا. قاله ابن مسعود، وابن زيد، والأخفش. واختلف في واحدها، فقيل: إبّول، كعجّول وعجاجيل. وقيل: واحدها: إبّيل كسكّين، وسكاكين. وقيل:
واحدها: إبّال كدينار، ودنانير، وأصل دينار: دنّار، دليله تكرير النون في الجمع، والتصغير.
وقيل: هو جمع لا واحد له. وقيل: هو اسم للجمع. انتهى. مكي. قال المبرد: ولم أجد العرب تعرف له واحدا في غير الصحاح. وقال رؤبة بن العجاج في الجمع: [الرجز]
ولعبت طير بهم أبابيل... فصيّروا مثل كعصف مأكول
وهذا هو الشاهد رقم [٣٢٥] من كتابنا: «فتح القريب المجيب». وقال الأعشى: [الطويل]
طريق وجبّار رواء أصوله... عليه أبابيل من الطّير تنعب
الجبّار من النخل: ما طال، وفات اليد. وقال آخر: [البسيط]
كادت تهدّ من الأصوات راحلتي... إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل
الجرد (بضم الجيم): خيل لا رجالة فيها، وهو أيضا قصر شعر الجلد في الفرس.
{تَرْمِيهِمْ:} ويقرأ: «(يرميهم)». {بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ:} قالوا: حجارة من طين طبخت بنار جهنم مكتوب فيها أسماء القوم، كقوله تعالى في سورة (الذاريات): {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً} وقيل: {مِنْ سِجِّيلٍ} من السماء، وهي الحجارة التي أنزلت على قوم لوط. وقيل: من الجحيم، وهي سجين، ثم أبدلت اللام نونا، كما قالوا في أصيلان: أصيلال. قال ابن مقبل: [البسيط]
ورجلة يضربون البيض عن عرض... ضربا تواصت به الأبطال سجّينا
هذا؛ وقالت طائفة، منهم: ابن عباس، وسعيد بن جبير، وابن إسحاق: إن سجيلا لفظة غير عربية عربت، أصلها: سنج وجيل، ويقال: سنك وكيل، وهما بالفارسية حجر وطين عربتهما العرب، فجعلتهما اسما واحدا؛ لأن العرب إذا تكلمت بشيء من الفارسي، صار لغة