للعرب، ولا يضاف للفارسية، مثل سندس، وإستبرق، والمشكاة، ونحو ذلك، فكل هذه الألفاظ فارسية، تكلمت بها العرب، واستعملتها، فصارت عربية.
{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} أي: جعل الله أصحاب الفيل كورق الزرع؛ الذي أكلته الدواب، فرمت به إلى أسفل. شبه تقطع أوصالهم بتفرق أجزاء ورق الزرع، أكلته الدواب وداسته، بل وراثته؛ أي: ألقته روثا ثم يبس، وتفتت، ولم يقل: كروث لما في لفظ الروث من الهجنة، والشناعة وسمي عصفا؛ لأن الريح تعصف به، فتفرقه ذات اليمين وذات الشمال. هذا؛ والتشبيه مرسل مجمل ذكرت الأداة، وحذف وجه الشبه.
هذا؛ وذكرت: أن الله أهلك كل واحد من أصحاب الفيل بحجر مكتوب عليه اسمه. وهو قول أكثر المفسرين. قال الجمل: يتأمل سر هذه الكتابة، وهل كان الطائر الذي يحمله يدرك ويفهم أن هذا الحجر لفلان بخصوصه حتى لا يرميه إلا فوقه؟ وإذا كان كذلك، فهل كان إدراكه لهذا المعنى من الكتابة المذكورة، أو بمجرد إلهام؟ يحرر. والله أعلم بمراده.
الإعراب:{وَأَرْسَلَ:} الواو: حرف عطف. (أرسل): فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الله).
{عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {طَيْراً:} مفعول به. {أَبابِيلَ:} صفة {طَيْراً،} ولم ينون؛ لأنه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، وساغ ذلك؛ لأن الاستفهام للتقرير، فكان المعنى: قد جعل ذلك، وأرسل. وانظر ما ذكرته في سورة (الشرح) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
{تَرْمِيهِمْ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل تقديره:
«هي» يعود إلى {طَيْراً أَبابِيلَ} وعلى قراءة الفعل بالياء فالفاعل تقديره: «هو» يعود إلى (الله)؛ أي:
يرميهم الله. ويجوز أن يكون راجعا إلى الطير لخلوها من علامات التأنيث، وهو ضعيف، فالأول أقوى وأولى، والهاء مفعول به، والجملة في محل نصب صفة ثانية ل:{طَيْراً} أو في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدم، وعلى قراءته بالياء فالحالية تكون من الضمير المجرور ب:(على)، والرابط:
الضمير على الاعتبارين. {بِحِجارَةٍ:} متعلقان بما قبلهما. {مِنْ سِجِّيلٍ:} متعلقان بمحذوف صفة (حجارة). (جعلهم): فعل ماض، والفاعل يعود إلى الله، والهاء مفعول به. {كَعَصْفٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني. هذا؛ وإن اعتبرت الكاف اسما وهو الأقوى هنا، فالمحل لها، وتكون مضافة، و (عصف): مضاف إليه. {مَأْكُولٍ:} صفة (عصف). تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم، وصلّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.