هذا؛ والكبائر لا حدّ لها، فهي كثيرة، مثل: الشرك، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، والزنى، واللّواط، واليمين الغموس، والإضرار في الوصية، والغلول. وفي كلّ واحدة أحاديث تحذّر من اقتحامها، وارتكابها. ويضاف إلى ذلك: أكل أموال الناس بالباطل، والإفطار في رمضان بلا عذر، وقطع الرّحم، والخيانة في الكيل، والوزن، وتأخير الصلاة عن وقتها بلا عذر، وضرب المسلم بلا حقّ، والكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عمدا، وسب أصحابه، وكتمان الشّهادة بلا عذر، وأخذ الرّشوة، والقوادة بين الرّجال، والنساء، والسّعاية عند السّلطان، ومنع الزّكاة، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة عليه، ونسيان القرآن بعد تعلّمه، وإحراق الحيوان بالنّار، وامتناع المرأة من زوجها بلا سبب، واليأس من رحمة الله، والأمن من مكر الله، والوقيعة في أهل العلم، وحملة القرآن.
{نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ} أي: نسترها عليكم؛ حتى تصير بمنزلة ما لم يعمل؛ لأنّ أصل التكفير: السّتر، والتغطية، فصغار الذنوب تكفّر بالحسنات، ولا يكفّر كبارها إلا التوبة والإقلاع عنها، كما ورد في الصحيح عن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال:
«الصّلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفّرات لما بينهنّ؛ إذا اجتنبت الكبائر». أخرجه مسلم. فقد ثبت بما تقدّم من الأدلّة: أنّ الذنوب على قسمين: صغائر، وكبائر، وانظر قوله تعالى في سورة النّجم:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ} فإنّه جيّد، والحمد لله!.
هذا؛ والإصرار على الصّغيرة كبيرة، وخذ ما يلي:
فعن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إيّاكم ومحقّرات الذّنوب، فإنّهنّ يجتمعن على الرّجل حتّى يهلكنه». وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«ضرب لهنّ مثلا، كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم، فجعل الرّجل ينطلق فيجيء بالعود، والرّجل يجيء بالعود حتّى جمعوا سوادا، وأجّجوا نارا، وأنضجوا ما قذفوا فيها». رواه الإمام أحمد، والطبراني، والبيهقي. وفي رواية:«إنّ الشّيطان قد يئس أن تعبد الأصنام في أرض العرب، ولكنّه سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقّرات، وهي الموبقات يوم القيامة».
وعن عائشة-رضي الله عنها-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «يا عائشة! إيّاك ومحقّرات الذّنوب، فإنّ لها من الله طالبا». رواه النّسائيّ، وابن ماجة.