الثاني: كراهة مجادلة السفهاء، وفيه أن السكوت عن السفيه، واجب، ومن أذلّ الناس سفيه لم يجد مسافها. {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} أي: إنسانا من البشر، يقال: إنها كانت تكلم الملائكة، ولا تكلم الإنس.
هذا؛ وقد رد ابن هشام في مغنيه بهذه الآية على الزمخشري القائل: إن «لن» تفيد التأبيد.
فقال-رحمه الله تعالى-: ولو كانت للتأبيد لم يقيد منفيها باليوم في قوله تعالى: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} ولكان ذكر الأبد في قوله تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً} تكرارا، والأصل عدمه. انتهى.
هذا؛ وقرئ شاذّا: «(ترين)» بياء ساكنة، بعدها نون الرفع، ذكره ابن جنّي. انظر الشاهد رقم [٤٦٠] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»، فالبحث فيه جيد.
الإعراب:{فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي:} أمر مبني على حذف النون لاتصاله بياء المؤنثة المخاطبة.
التي هي فاعله، هذا هو الإعراب المتعارف عليه في مثل هذه الأفعال، والإعراب الحقيقي أن تقول: مبني على السكون المقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بالكسرة التي جيء بها لمناسبة ياء المخاطبة، وقل: مثله في نحو قولك: كلا، واشربا. والمانع من ظهور السكون الفتح الذي جيء به لمناسبة ألف الاثنين. وأيضا قولك: كلوا، واشربوا. والمانع من ظهور السكون الضم الذي جيء به لمناسبة واو الجماعة التي هي فاعله. {عَيْناً:} تمييز محول عن الفاعل، والجمل الفعلية معطوفة على جملة: {(هُزِّي)} لا محل لهن مثلها. {فَإِمّا:} الفاء: حرف تفريع. (إما): حرف شرط جازم مدغم في (ما) الزائدة لتؤكد معنى الشرط؛ لأن معنى «إن» في الأصل الشك، فزال هذا المعنى بسبب (ما) ولذا أكد الفعل بنون التوكيد. {تَرَيِنَّ:} مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وياء المؤنثة المخاطبة فاعله، ونون التوكيد حرف لا محل له. {مِنَ الْبَشَرِ:} متعلقان بمحذوف حال من {أَحَداً} كان صفة له على نحو ما رأيت في الآية رقم [٤] أحدا مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. وانظر الجملة المحذوفة في الشرح.
{فَقُولِي:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (قولي): أمر وفاعله مثل ما تقدم. {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمها. {نَذَرْتُ:} ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل التي هي فاعله. هذا هو الإعراب المتعارف عليه في مثل هذا اللفظ، والإعراب الحقيقي أن تقول: مبني على فتح مقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بالسكون العارض كراهة توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة، وقل مثله في إعراب كل ماض اتصل به ضمير رفع متحرك، مثل نذرنا، نذرن، ويقال اختصارا: فعل، وفاعل. {لِلرَّحْمنِ:} متعلقان بما قبلهما. {صَوْماً:}
مفعول به، وجملة:{نَذَرْتُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إني) والجملة الاسمية: {إِنِّي..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة:{فَقُولِي..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور،