قال الخازن: فإن قلت: ما معنى توحيد الخطاب في قوله: {وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ} والجمع في قوله: {إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ مُبْطِلُونَ} قلت: فيه لطيفة، وهي: أن الله تعالى قال: ولئن جئتهم بكل آية جاءت بها الرسل. ويمكن أن يقال: معناه: إنكم كلكم أيها الرسل مبطلون. انتهى. أقول:
والأولى اعتبار الخطاب في الأول موجها إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وفي الثاني موجها له وللمؤمنين معه.
هذا؛ و {مُبْطِلُونَ} اسم فاعل من: أبطل الرباعي، وانظر الآية رقم [٥٢] من سورة (العنكبوت).
هذا؛ و (قرآن) مشتق من: قريت الماء في الحوض: إذا جمعته، فكأنه قد جمع فيه الحكم، والمواعظ، والآداب، والقصص، والفروض، وجميع الأحكام، وكملت فيه جميع الفوائد الهادية إلى طرق الرشاد. هذا؛ وهو في اللغة مصدر بمعنى الجمع، يقال: قرأت الشيء قرآنا: إذا جمعته، وبمعنى: القراءة، يقال: قرأت الكتاب قراءة، وقرآنا. ثم نقل إلى هذا المجموع المقروء، المنزل على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، المنقول عنه بالتواتر، فيما بين الدفتين، وهو المراد هنا، ويحرم على المحدث حدثا أكبر، قراءته، وحمله، ومسه، وعلى المحدث حدثا أصغر حمله ومسه، ولا يمنع من قراءته عن ظهر قلب، قال تعالى في تقديسه، وتعظيمه. {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}.
الإعراب:{وَلَقَدْ:} الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال.
{ضَرَبْنا:} فعل، وفاعل. {لِلنّاسِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {فِي هذَا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل {ضَرَبْنا}. وقيل: متعلقان بمحذوف حال، وهو ضعيف معنى، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {الْقُرْآنِ:} بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان عليه. {مِنْ كُلِّ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل {ضَرَبْنا} أيضا، وهما في محل المفعول به، و {كُلِّ} مضاف، و {مَثَلٍ} مضاف إليه، وجملة: {(لَقَدْ ضَرَبْنا...)} إلخ جواب القسم، لا محل لها، والقسم وجوابه كلام مستأنف لا محل له وانظر الآية رقم [٢٣] من سورة (السجدة). {وَلَئِنْ:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. اللام: موطئة لقسم محذوف، تقديره: والله. (إن): حرف شرط جازم.
{جِئْتَهُمْ:} فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء فاعله، والهاء مفعوله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط، غير ظرفي. {بِآيَةٍ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {لَيَقُولَنَّ:} اللام: واقعة في جواب القسم المقدر. (يقولن): فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، التي هي حرف لا محل له. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل، وجملة:{كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {إِنْ:} حرف نفي بمعنى «ما». {أَنْتُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {إِلاّ:} حرف حصر. {مُبْطِلُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة:{لَيَقُولَنَّ..}. إلخ جواب القسم المقدر، وجواب الشرط محذوف، لدلالة جواب القسم عليه، انظر الآية رقم [٥١].