للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به: القيامة الكبرى لسياق الآيات في ذلك. انتهى. خازن. وأقول: القيامة: كبرى، وصغرى، فالكبرى: هي خروج الناس من قبورهم للحساب، والجزاء، والصغرى: هي موت كل إنسان.

هذا؛ وأما النفس؛ فإنها تجمع في القلة: أنفس، وفي الكثرة: نفوس، والنفس: تؤنث باعتبار الروح، وتذكر باعتبار الشخص؛ أي: فإنها تطلق على الذات أيضا، سواء أكان ذكرا أم أنثى؟ فعلى الأول قيل: جسم لطيف مشتبك بالجسم اشتباك الماء بالعود الأخضر الرطب، فتكون سارية في جميع البدن.

قال الجنيد-رحمه الله تعالى-: الروح شيء استأثر الله بعلمه، ولم يطلع عليه أحدا من خلقه، فلا يجوز البحث عنه بأكثر من أنه موجود. قال تعالى في سورة (الإسراء): {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً} وقال بعضهم: إن هناك لطيفة ربانية لا يعلمها إلا الله تعالى، فمن حيث تفكرها تسمى: عقلا، ومن حيث حياة الجسد بها تسمى:

روحا، ومن حيث شهوتها تسمى: نفسا، فالثلاثة متحدة بالذات، مختلفة بالاعتبار. وهذا ما تدل عليه الآثار الصحاح.

هذا؛ وقد ذكر القرآن الكريم: أن النفس خمس مراتب: الأمارة بالسوء، واللوامة، والمطمئنة، والراضية، والمرضية، ويزاد: الملهمة، والكاملة. فالأمارة بالسوء هي التي تأمر صاحبها بالسوء، ولا تأمر بالخير إلا نادرا، وهي مقهورة، ومحكومة للشهوات، وإن سكنت لأداء الواجبات الإلهية، وأذعنت لاتباع الحق، لكن بقي فيها ميل للشهوات؛ سميت: لوامة. وإن زال هذا الميل، وقويت على معارضة الشهوات، وزاد ميلها إلى عالم القدس، وتلقت الإلهامات؛ سميت: ملهمة، فإن سكن اضطرابها، ولم يبق للنفس الشهوانية حكم أصلا؛ سميت مطمئنة. فإن ترقت من هذا، وأسقطت المقامات من عينها، وفنيت عن جميع مراداتها؛ سميت راضية. فإن زاد هذا الحال عليها؛ صارت مرضية عند الحق، وعند الخلق، فإن أمرت بالرجوع إلى العباد لإرشادهم، وتكميلهم؛ سميت كاملة، فالنفس سبع طبقات، ولها سبع درجات، كما ذكرت، وقدمت.

وأخيرا خذ ما ذكره القرطبي-رحمه الله تعالى-وفي الخبر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال: «ما تقولون في صاحب لكم، إن أكرمتموه، وأطعمتموه، وكسوتموه؛ أفضى بكم إلى شر غاية، وإن أهنتموه، وأعريتموه، وأجمعتموه أفضى بكم إلى خير غاية؟». قالوا: يا رسول الله! هذا شرّ صاحب! قال: «فو الّذي نفسي بيده إنها لنفوسكم التي بين جنوبكم». انتهى. هذا؛ وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «ليس من نفس برة، ولا فاجرة إلا وتلوم نفسها يوم القيامة، إن عملت خيرا؛ قالت: كيف لم أزدد، وإن عملت شرا؛ قالت: يا ليتني أقصرت عن الشر!».

الإعراب: {لا:} انظر ما قيل فيها من أوجه الإعراب في الشرح. {أُقْسِمُ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «أنا». {بِيَوْمِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (يوم) مضاف، و {الْقِيامَةِ} مضاف

<<  <  ج: ص:  >  >>