للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول الكسائي. قال أبو عبيد: وكان عيسى بن عمر يجعلها حرفين؛ أي: كلمتين، ويقف على (كالوا) و (وزنوا) ويبتدئ: (هم يخسرون). قال أبو عبيد: والاختيار أن يكونا كلمة واحدة من جهتين: إحداهما الخط، وذلك أنهم كتبوهما بغير ألف، ولو كانتا مقطوعتين؛ لكانتا (كالوا) و (وزنوا) بالألف. والأخرى: أنه يقال: كلتك، ووزنتك، بمعنى: كلت لك، ووزنت لك، وهو كلام عربي. كما يقال: صدتك، وصدت لك، وكسبتك، وكسبت لك. وكذلك: شكرتك، ونصحتك. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (يس) رقم [٣٩]: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} وقال في سورة (يونس) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ} رقم [٥] إذ التقدير: قدرنا له، وقدر له، ومثل الآيات قول الشاعر-وهو الشاهد رقم [٧٦] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» والشاهد رقم [١٠١] من كتابنا: «فتح رب البرية» -: [الكامل]

ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا... ولقد نهيتك عن بنات الأوبر

{يُخْسِرُونَ:} ينقصون الكيل، والميزان. وهذا الوعيد يلحق من يأخذ لنفسه زائدا، ويدفع إلى غيره ناقصا. ويتناول الوعيد القليل، والكثير، لكن إذا لم يتب منه، فإن تاب منه، ورد الحقوق إلى أصحابها؛ قبلت توبته، ومن فعل ذلك، وأصر عليه؛ كان مصرا على كبيرة من الكبائر.

وذلك؛ لأن عامة الخلق محتاجون إلى المعاملات، وهي مبنية على أمر الكيل، والوزن، والذرع، فلهذا السبب عظم أمر الكيل، والوزن، وأمر الله بالوفاء فيهما في كثير من الآيات.

هذا؛ وقال نافع مولى ابن عمر: كان ابن عمر-رضي الله عنهما-يمر بالبائع، فيقول: (اتق الله، وأوف الكيل، والوزن بالقسط، فإنّ المطففين يوقفون يوم القيامة؛ حتى يلجمهم العرق) أي: فيكون عرقهم على قدر تفاوتهم في التطفيف، فمنهم من يكون عرقه إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَيْلٌ:} مبتدأ سوغ الابتداء به-وهو نكرة-؛ لأنه بمعنى العذاب، وهو دعاء عليهم، والدعاء من المسوغات، سواء كان دعاء له، نحو: {سَلامٌ عَلَيْكَ} أو عليه، كهذه الآية. {لِلْمُطَفِّفِينَ} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مبتدأة لا محل لها. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بدلا من المطففين، أو هو صفة له، أو هو في محلّ نصب مفعولا به لفعل محذوف، التقدير: أذمّ الذين. أو هو في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هم الذين. والوجه الأول على الإتباع، والثاني، والثالث على القطع. {إِذَا:} ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {اِكْتالُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذَا} إليها على المشهور

<<  <  ج: ص:  >  >>